الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } * { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } * { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ }

قوله تعالى ذكره: { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ * إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ } إلى قوله: { بِمَا تَسْعَىٰ }.

أي: فلما أتى النار موسى، ناداه ربه: يا موسى، إني أنا ربك فاخلع نعليك.

قال وهب: خرج موسى نحو النار، فإذا هي في شجرة من العليق. (وبعض أهل الكتاب يقول في عوسجة) فلما دنا، استأخرت عنه، فلما رأى تأخرها عنه، رجع وأوجس في نفسه خيفة، فلما أراد أن يرجع دنت منه ثم كلم من الشجرة، فلما سمع الصوت، استأنس فقال له الله { فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } فخلعهما وألقاهما.

قال كعب: " كانتا من جلد حمار ميت، فأمر بخلعهما، وأراد الله أن يمسه القدس، وكذلك قال عكرمة وقتادة.

وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كانت على موسى يوم كلّمه الله جبة صوف، وكساء صوف، وسراويل صوف، ونعلاه من جلد حمار غير ذكي ".

وقال الحسن: كانتا من جلد بقر، ولكن الله تعالى أراد أن يباشر بقدميه بركة الأرض. وكان قد قدس الوادي مرتين. وكذلك قال ابن جريج. وهذا القول اختيار الطبري، لأن الحديث لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما من جلد حمار غير ذكي.

وقوله: { إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ }.

أي: المطهر.

وقال ابن عباس: " المقدس ": المبارك.

وقال مجاهد: { ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى }: بورك فيه مرتين.

ويروى أن موسى صلى الله عليه وسلم لما خرج من مدين ومعه امرأته بنت شعيب يريد مصر أخطأ الطريق، وكان صلى الله عليه وسلم رجلاً غيوراً، فكان يصحب الناس بالليل، ولا يصحبهم بالنهار، فأخطأ الطريق عند انفراده لما سبق في علم الله من أمره. فرأى ناراً. فقال لأهله امكثوا، إني أبصرت ناراً لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى. أي: من يهديني إلى الطريق، وكانت ليلة مظلمة، فلما توجه نحو النار فإذا النار في شجر عناب، فوقف متعجباً من ضوء تلك النار وشدة خضرة تلك الشجرة. فلا شدة النار تغيّر خضرة تلك الشجرة، ولا كثرة ماء الشجرة يغيّر حسن ضوء النار. فلما أتى الشجرة سمع النداء، يا موسى، إني أنا ربك، فاخلع نعليك، وكانتا من جلد حمار ميت.

وقال ابن عباس /: في معنى " طوى " أن موسى طواه الليل إذ مر به فارتفع إلى أعلى الوادي.

فيكون على هذا مصدراً عمل فيه ما هو من غير لفظه. كأنه قال: إنك يا موسى بالواد الذي طويته طوى: أي: تجاوزته فطويته بسيرك.

وقال قتادة: معناه: قدس مرتين، أي طهره وهو قول الحسن.

وقال مجاهد وابن أبي نجيج: " طوى " اسم الوادي.

السابقالتالي
2 3