الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ }

قوله: { قُلُوبُنَا غُلْفٌ }.

هو جمع أغلف كأنها في غلاف وغطاء. يقال: " سيف أغْلَفُ إذا كان في غلافه ".

وقال قتادة: " معناه قلوبنا لا تفقه ".

وقال ابن عباس وغيره: " معناه: قلوبنا في غطاء وغلاف فليس نفهم ما تقول كما قال:قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا } [فصلت: 5].

ويجوز أن يكون " غُلْفٌ " جمع " غلاف " ، لكن أسكن تخفيفاً. ومعناه: قلوبنا أوعية للعلم لا تحتاج إلى / علم محمد صلى الله عليه وسلم.

وعلى ذلك قراءة من قرأ بِضَمِّ اللام، وهي قراءة الأعرجِ / وابن محيصن ورويت عن أبي عمرو وابن عباس.

قوله: { بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ }.

أي أبعدهم الله وطردهم وأخزاهم. وأصل اللعن الطرد والإبعاد والإقصاء.

{ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } نصبه على أنه نعت لمصدر محذوف أو لظرف محذوف.

وقيل: هو منصوب بـ " يؤمِنُونَ " ، و " ما " زائدة.

ومعناه أنهم يقرون بالله ويوحدونه، ويكفرون بالنبي [عليه السلام] كما قالوَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } [يوسف: 106].

ويجوز أن يكون المعنى أنهم لم يؤمنوا البتة، تقول العرب " قَلّ الشَّيء " إذا لم يوجد.

ويُقال: " قَلَّما رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا " أي: ما رأيت مثله.

وحكى الكسائي عن العرب: " مَرَرْتُ بِبِلاَدٍ قَلَّ مَا تُنْبِتُ إلاَّ الكُرَّاثَ والبَصَلَ " أي: ما تنبت سواهما.

وحكى سيبويه: " قلّ رجلٌ يقُولُ ذَلكَ إلاّ زَيْداً ".

وقال أهل التفسير: " معناه: فقليلاً منهم من يؤمن، لأن الذين آمنوا من المشركين أكثر كثيراً ممن آمن من اليهود ". وهذا مروي عن قتادة ويلزم منه رفع " قليل ".

وقيل: المعنى: ليس يؤمنون مما في أيديهم إلا بقليل ".

والاختيار عند أكثرهم قول من قال: " إنهم قليلوا الإيمان بما أنزل على النبي [عليه السلام].