الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } * { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } * { فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ فَهِيَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

{ لاَّ ذَلُولٌ } لم يذللها العمل فتثير الأرض، ولا تعمل في الحرث.

{ مُسَلَّمَةٌ }: أي: من العيوب.

{ لاَّ شِيَةَ فِيهَا }: أي: لا بياض.

ولولا قولهم: { إِن شَآءَ ٱللَّهُ } ما اهتدوا إليها أبداً، فوجدوا البقرة عند عجوز عندها يتامى فأضعفت عليهم الثمن، فأتوا موسى صلى الله عليه وسلم فأخبروه. فقال لهم: أعطوها / رضاها، ففعلوا وذبحوها. وأمرهم موسى صلى الله عليه وسلم بعضو منها يضربوا به القتيل ففعلوا. فرجع إليه روحه وسمَّى قاتله ومات فقُتل قاتله، وهو الذي أتى إلى موسى صلى الله عليه وسلم يشتكي ويطلب الدية.

وروي أن رجلاً صالحاً من بني إسرائيل كان له ابن صغير وله عجلة فأتى بالعجلة إلى غَيْضةٍ وقال " اللهم إني استودعتك هذه العجلة لابني حتى يكبر. فشبت العجلة في الغيضة. وكانت ترعى فيها فلا يقدر عليها أحد؛ تثب على من رامها [فيهرب منها]. فأتى ابن الرجل الصالح بعد موت أبيه ومعه حبل إليها، فخوفه الناس منها، فأقبلت البقرة إليه مذعنة فساقها إلى أمه وكان براً بها. فلم يجد بنو إسرائيل صفة البقرة التي أمروا بذبحها إلا تلك البقرة فاشتروها منه بملء جلدها دنانير.

وعن ابن عباس قال: { لاَّ شِيَةَ فِيهَا }: لا بياض فيها ولا سواد، ولا حمرة " أي: لونها واحد لا لمعة فيها تخالف لونها وهو الصفرة. قيل: كانت صفراء حتى ظلفها وقرنها أصفران.

قال: " وطلبوها فلم يقدروا عليها، وكان رجل من بني إسرائيل من أبر الناس بأبيه، وأن رجلاً مر به ومعه لؤلؤ. يبيعه، وكان أبوه نائماً تحت رأسه المفتاح. فقال الرجل المار للولد البار: تشتري مني هذا اللؤلؤ بسبعين ألفاً؟ قال له الفتى: كما أنت، حتى يستيقظ والدي، وأنا آخذه بثمانين ألفاً.

قال له الآخر: أيقظ أباك وهو لك بستين ألفاً، فجعل التاجر يحط له حتى بلغ ثلاثين ألفاً. وزاد الحدث على أن يصبر حتى يستيقظ أبوه حتى بلغ مائة ألف. فلما أكثر عليه حلف ألا يشتريه منه وأبى أن يوقظ أباه، فعوضه الله عز وجل من ذلك اللؤلؤ أن جعل تلك البقرة عنده. فسألوه بيعها فأبى فرفع في سومها فمضوا به إلى موسى، فقالوا: قد أعطيناه ثمنها وأبى أن يبيع. فقال: يا نبي الله: أنا أحق بمالي؟ قال له: نعم أنصفوه، واشتروا منه. فاشتروها منه بوزنها عشر مرات ذهباً ".

وقيل: ضرب بفخد البقرة الأيمن.

وقيل: ضرب بعظم من عظامها.

وقيل: بذنبها.

وقيل: بلسانها.

وقوله: { كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ }.

في الكلام حذف واختصار، والتقدير: فضربوه فحيي فقيل لهم: كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته فاعتبروا.

واستدل مالك في رواية ابن القاسم وابن وهب عنه على تصحيح الحكم بالقسامة [بهذا القتيل المذكور / ضربوه] ببعضها فحيي وقال: " فلان قتلني " ، فَقُتِلَ، بقوله.

السابقالتالي
2