الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٱكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

قوله: { [وَ]ظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ }.

قيل: الغمام سحاب.

وقال مجاهد: " هو الغمام الذي يأتي الله فيه يوم القيامة وليس بسحاب ". وروي ذلك عن ابن عباس، وهو الغمام الذي أتت فيه الملائكة يوم بدر، وذلك أنهم كانوا في التيه، [فشكوا حر] الشمس، فظلّل الله عليهم الغمام وهو أبرد من السحاب وأطيب.

وسمي الغمام غماماً لأنه يَعُمّ ما حل به، أي يستره، وسمي السحاب غماماً، لأنه يغم السماء، أي يسترها.

وقيل / للسحاب سحاب لأنه ينسحب بمسيره.

والمن عن مجاهد: " صمغة ".

وقال قتادة: " كان ينزل، عليهم مثل الثلج ".

/ وقال الربيع. بن أنس: " المن شراب كان ينزل عليهم مثل العسل فيمزجونه بالماء ثم يشربونه ".

وقال ابن زيد: " المن عسل كان ينزل عليهم من السماء ". ورواه ابن وهب عنه.

وقال وهب: " المن خبز رقاق الذرة أو مثل النقي ".

وقال السدي: " المن الزنجبيل ".

وقيل: " هو الترنجبين ".

وعن ابن عباس: " المن هو الذي " يسقط من الشجر، فيأكله الناس ".

وقال قتادة: " كان يسقط عليهم في مجلسهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس كسقوط الثلج فيؤخذ منه بقدر ما يكفي ذلك اليوم / فإن تعدى إلى أكثر فسد، إلا يوم الجمعة فإنه يؤخذ ما يكفي فيه للجمعة وللسبت، لأن يوم السبت عندهم يوم عبادة ". وقيل: " المن: الترنجبين ". وقيل: " المن أصمغة ".

وقال النبي [عليه السلام]: " الكَمْأَةُ مِنَ المَنّ وماؤُها شِفاءٌ لِلْعَيْنِ " قال أهل المعاني: " معنى: " مِنَ المَنّ " أي مما منَّ الله به على خلقه بلا زرع ولا تكلف سقي ".

والسلوى: طائر يشبه السُّمانَى كانت الجنوب تحشره عليهم.

والسلوى والسمانى واحِدُه وجمعه بلفظ واحد. والمن: جمع لا واحد له مثل الخير والشر. / وكان من قصة المن والسلوى أن الله عز وجل أمر موسى إلى بيت المقدس فيسكنها ويجاهد فيها من الجبارين، فأبوا القتال معه وقالوا: اذهب أنت وربك فقاتلا، فغضب موسى صلى الله عليه وسلم لذلك فدعا عليهم وقال:فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } [المائدة: 25]، فقال الله عز وجل:قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ } [المائدة: 26]. فندم موسى عليه السلام على دعائه عليهم فأوحى الله عز وجل إليه:فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } [المائدة: 26] أي لا تحزن. فقالوا: يا موسى، فكيف لنا بالطعام؟ فأنزل الله عز وجل عليهم المن والسلوى. فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير فإن وجده سميناً ذبحه، وإلا تركه، فإذا سمن أتاه، فقالوا: هذا الطعام، فأين الشراب؟ فأمر الله عز وجل موسى صلى الله عليه وسلم أن يضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، لكل سبط عين. فقالوا: فأين الظل؟ فظللهم الله بالغمام فقالوا: فأين اللباس؟ [فجعل الله] ثيابهم تطول معهم كما يطول الصبيان، ولا يتخرق لهم ثوب ولا يتوسخ.

قوله: { مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }.

أي من مشتهيات رزقنا وقيل: من حلاله.