قوله: { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ }. إنما أمروا بهذا لأنهم كانوا يأمرون الناس به ولا يفعلونه، دل عليه قوله: { أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } أي تتركون أنفسكم ". والزكاة النماء والزيادة. سميت بذلك لأنها تنمي المال وتثمره. وروى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رجالاً تُقْرضُ شِفاهُهُمْ بِمَقَاريضَ مِنْ نارٍ، فَقُلْتُ: يا جِبْريلَ مَنْ هَؤُلاءِ؟ فقالَ: هؤلاءِ خُطَباءٌ يأْمرونَ النّاسَ بالبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ ". وقيل: كانوا ينهون الناس عن الكفر بشيء من التوراة والإنجيل ويقولون: تمسكوا بما فيهما، وهم يكفرون بما يجدونه فيهما من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وينقضون ما عهد إليهم في ذلك. وقيل: إنهم كانوا يخبرون الأنصار بصفة محمد صلى الله عليه وسلم، ويأمرونهم بالإيمان به، وهم يؤمنون به قبل مبعثه، فلما بعث آمنت به الأنصار، وكفرت به اليهود.