الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّٰلِمِينَ } * { فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } * { فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله: { رَغَداً } إلى قوله: { مِمَّا كَانَا فِيهِ }.

قوله: { رَغَداً } أي واسعاً. وقيل: هنيئاً.

وقال مجاهد: " رغداً لا حساب عليهما فيه " ، وهو من السعة في المعيشة.

قال ابن عباس في رواية أبي صالح عنه: " الشجرة شجرة العلم، فيها أنواع الثمار كلها ".

وعن ابن جريج أنه قال: " هي التينة ".

وعن ابن عباس أيضاً وأبي مالك: " الشجرة السنبلة لكن الحبة منها ككلى البقر ألين من الزبد وأحلى من العسل ".

وروى عن ابن مسعود أنها الكرمة. وذكر ذلك أيضاً عن ابن عباس، وعليه أكثر المفسرين، ولذلك حرم الله الخمر في قول بعضهم.

قال / أبو هريرة: " هي العنبة نهي آدم عنها، وجعلت فتنة لولده من بعده ".

وتزعم اليهود عليها اللعنة أنها الحنطة.

قوله: { فَأَزَلَّهُمَا }.

أي استزلهما، ومن قرأ: (فَأَزَالَهُمَا) وهو حمزة فمعناه نحّاهُما.

والهاء في " عَنْها " تعود على الشجرة، يعني حسدهما إبليس اللعين على ما كانا فيه، فاستزلهما وتكبر عن السجود لآدم صلى الله عليه وسلم.

وروى ابن القاسم عن مالك أنه قال: " بلغني أن أول معصية كانت الحسد والكبر والشح: حسد إبليس وتكبر على آدم، وشح آدم، فقيل له: كُلْ من شجر الجنة إلا التي نهى / عنها فشح فأكل منها ".

قال وهب بن منبه: " لما أراد إبليس من آدم عليه السلام ما أراد دخل في جوف الحية، وكان لها أربع قوائم كالبختية، فدخلت الجنة، وخرج إبليس إلى الشجرة وأخذ منها، وجاء إلى حواء فقال لها: انظري ما أطيب هذه الشجرة وأحلاها وأحسن ريحها. فأكلت منها ثم مضت إلى آدم صلى الله عليه وسلم فقالت له مثل ما قال إبليس، فأكل منها، فبدت له سوأته عند ذلك، وقام فدخل في جوف الشجرة. فقال الله تعالى: يا حواء أنت التي غررت عبدي، فإنك لا تحملين حملاً إلا حملتيه كرهاً، ولا تضعين ما في بطنك إلا أشرفت على الموت مراراً. ثم لعن الحية لعنة تحولت قوائمها في بطنها، ولا [رزق لها] إلا التراب، وجعلها عدوة لبني آدم، تهلكهم إذا لدغت أحدهم ويقتلونها إذا ظفروا بها ".

وقال ابن عباس: " أتى إبليس اللعين ليدخل على آدم صلى الله عليه وسلم / فمنعته الخزنة فقال للحية وهي كأحسن الدواب: أدخليني في فقمك، أي في جانب فمك، حتى أدخل الجنة ففعلت ومرت بالملائكة وهم لا يعلمون ما صنعت، فخرج إلى آدم / فقال:يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ } [طه: 120]، كما حكى الله جل ذكره. وقال له: هل أدلك على شجرة إن أكلت منها / كنت ملكاً مثل الله سبحانه أو تكون من الخالدين، وحلف لهما بالله إني لكما من الناصحين فأبى آدم عليه السلام أن يأكل، فتقدمت حواء فأكلت ثم قالت: يا آدم، كُلْ، فإني قد أكلت فلم تضرني، فلما أكل بدت لهما سوآتهما ".

السابقالتالي
2 3 4