الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِٱلْعَدْلِ وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوۤاْ أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَٰدَةِ وَأَدْنَىٰ أَلاَّ تَرْتَابُوۤاْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوۤاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ }.

قال ابن عباس: " نزلت في السلم خاصة، في كيل معلوم إلى أجل معلوم ". يريد بثمن نقد معلوم من غير أن يكون طعام في طعام.

وروي عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري " أنه واجب أن يكتب إذا باع بدين ". وهو قول ابن سيرين وأبي قلابة والضحاك وجابر بن زيد ومجاهد.

/ وقال عطاء: " أشهد إذا بعت، وإذا اشتريت بدرهم أو نصف درهم أو بثلث درهم أو أقل من ذلك، فإن الله يقول: { وَأَشْهِدُوۤاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ }. وهو مذهب الطبري.

وقال أبو سعيد الخدري: " كان ذلك فرضاً ثم نسخهفَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ } [البقرة: 283].

وبه قال الحسن والحكم وعبد الرحمن بن زيد والشعبي.

وأكثر الفقهاء على أنه ندب وإرشاد لا على الحكم. وهو قول مالك والشافعي.

وقال الطبري: " الآية على الأمر حتى يأتي دليل يدل على أنها ندب وإرشاد ". وقال: " من جعل الإشهاد فرضاً، لا يجوز أن يكون هذا منسوخاً لأنه يلزم منه رفع حكم الإشهاد. والإشهاد جائز بإجماع. وفي تركه وقع الاختلاف فلو كانت منسوخة لم يجز الإشهاد لأن حكم المنسوخ ألا يبقى حكمه ولم تأت آية فيها /: " لا تكتبوا ولا تشهدوا ". بل ذلك حسن جائز بإجماع وواجب عندنا. وإنما معنى: { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً } عند عدم الكاتب والشهود ".

قال أبو محمد رضي الله عنه: وهذا الاعتراض لا يلزم لأنه يجب منه ألا يعمل بما نسخ البتة. وقد نسخ فرض صوم عاشوراء وفرض صوم ثلاثة أيام من كل شهر. ونسخ فرض قيام الليل، وفعل ذلك حسن مُرَغَّبٌ فيه. كذلك فرض الإشهاد، هو منسوخ، وفعله حسن جائز. وقول الطبري: " الآية على الأمر حتى يأتي دليل يدل على الندب ".

جوابه: أن الدليل على أنه صار ندباً قوله: { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً }. ولا يحمل على معنى عدم الكاتب والشهود إلا بدليل.

قوله: / { وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ }.

قيل: هو واجب عليه أن يكتب إذا دُعي إلى ذلك.

قال الضحاك: " نسخها: { وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ } ".

وقال السدي: " لا يأب كاتب أن يكتب إذا كان فارغاً ".

{ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً }.

أي لا يظلم ولا ينقص من حق الرجل / الذي له الحق شيئاً.

قوله: { فَإن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ }. أي من عليه الدين.

{ سَفِيهاً }. أي جاهل بالصواب الذي يمليه على الكاتب.

{ أَوْ ضَعِيفاً }. أي أخرق. قاله ابن عباس، وقاله مجاهد وغيره.

وقال السدي: " السفيه الصغير ".

السابقالتالي
2 3