الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }

قوله: { لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ [ٱللَّهِ] }.

اللام متعلقة بقوله: { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ } للفقراء الذين من حالهم وقصتهم - { يُوَفَّ إِلَيْكُمْ }. وعني به فقراء المهاجرين بالمدينة. ومعنى: { أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }: منعوا أنفسهم من التصرف وحبسوها على جهاد عدوهم. قاله قتادة وغيره.

وقال ابن زيد: " كانت الأرض للعدو، فلا يستطيعون تصرفاً فهم محصورون ".

وقال السدي: " معناه: حصرهم المشركون بالمدينة ".

{ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ }.

أي تقلباً ولا تصرفاً في المعاش والتجارات.

وقال ابن جبير: " نزلت في قوم أصابتهم جراحات في سبيل الله، فصاروا زمنى من أجل عدوهم، أو من أجل حرصهم على الجهاد والغزو.

قوله: { يَحْسَبُهُمُ }. بكسر السين وفتحها لغتان، ونظيره " نَعِمَ " و " يَئِسَ " ، يأتي المستقبل بالفتح والكسر.

وحكى أبو إسحاق أن مثله عهد، يقال: يَعْهِدُ وَيَعْهَدُ.

ومعنى: { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ }.

أي الجاهل بأمرهم وحالهم، أغنياء من تعففهم عن المسألة والتعرض لها.

تعرفهم يا محمد بعلاماتهم وهي السيماء وهي أثر السجود.

وقيل: هي الخشوع والتواضع. قاله مجاهد.

وقيل: هي أثر الفاقة والحاجة. قاله السدي.

وقال ابن زيد: " هي رثاثة ثيابهم، / لأن الجوع خفي ".

ومن العرب من يمد السيماء، ومنهم من يقول سيماء بالمد وزيادة ياء بعد الميم.

قوله: { لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً / }.

أي إلحاحاً، أي لا يشملون الناس بالسؤال، ومنه اللحاف.

والمعنى: لا يكون منهم سؤال فيكون إلحافاً.

وهو كقول امرئ القيس:

" عَلَى لاَ حِبٍ لاَ يَهْتَدِي لِمَنَارِهِ ".

أي ليس فيه منار فيهتدي به.

ويقال: قد ألحف السائل إذا ألح.

ويقال: " أَلْحَفَ الرجل " و " أَلَحَّ " و " أَحْفَى " ، بمعنى واحد.