الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ }

قوله: { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ }.

قال ابن عباس وأبو هريرة وابن عمر وأبو سعيد الخدري وعائشة وسعيد بن جبير والضحاك ومجاهد وغيرهم: " الوسطى صلاة العصر " وروي ذلك عن النبي [صلى الله عليه وسلم].

وقال زيد بن ثابت وابن أبي ذئب: " هي الظهر ". وروي ذلك عن ابن عمر.

وروي أن النبي عليه السلام كان يصلي في الهاجرة والناس في هاجرتهم، فلا يجتمع إليه أحد، فتكلم في ذلك فأنزل الله: { وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } ، يريد الظهر.

وقال قبيصة بن ذؤيب: " هي المغرب لكونها بين الليل والنهار ".

وقال جابر بن عبد الله وعطاء وعكرمة: " هي الصبح / لكونها أيضاً بين الليل والنهار " ، ولقوله: { وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ }. والقنوت إنما يكون في الصبح. وهو [أيضاً مروي] عن ابن عباس [وعلي بن أبي طالب] / وهو قول الربيع وعبد الله بن شداد بن الهاد، وروي ذلك عن مجاهد، وهو قول مالك.

وهو قول أبي أمامة الباهلي وزيد بن أسلم وعبد الله بن عمر.

وقد تظاهرت الأخبار عن النبي [عليه السلام] أنها العصر.

وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك: أن الصلاة الوسطى صلاة الصبح.

قال مالك: " الظهر والعصر في النهار، والمغرب والعشاء في الليل، والصبح فيما بين ذلك ".

قال مالك: " والصبح لا تجمع إلى غيرها، وقد يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ".

قال مالك: " وهي كثيراً ما تفوت الناس ويتلهون عنها ".

قلت: وصلاة الصبح أفضل الصلوات، ولذلك أكد الله في المحافظة عليها، يدل على ذلك قول النبي عليه السلام: " مَنْ شَهِدَ الصُّبْحَ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةً، وَمَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لِيْلَةٍ ".

وقال: " بَيْنَنَا وَبَيْنَ المُنَافِقِينَ شُهُودُ الْعَتْمَةِ والصُّبْحِ، لاَ يَسْتَطِيعونَهُمَا ".

وقال: " لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتْمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً ".

ففضل العتمة والصبح على سائر الصلوات، ثم فضل الصبح على العتمة فدل على أنها أفضل الصلوات، فهي الوسطى.

وقد قال عمر: " لأن أشهد صلاة أحب إلي من أن أقوم ليلة ".

وقد قرأ الرؤاسي: { وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } بالنصب، بمعنى: وألزموا الصلاة، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها أثبتت في المصحف: " والصلاة الوسطى، وصلاة العصر " ، بالواو.

وكذلك روى نافع أن حفصة أمرت أن يكتب ذلك في مصحفها، وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها كذلك ".

وليست هذه الزيادة توجب أن تكون الوسطى / غير العصر، لأن سيبويه قد حكى: " مررت بأخيك وصاحبك " والصاحب هو الأخ، فكذلك الوسطى هي العصر، وإن عطفت بالواو.

السابقالتالي
2