الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ وَعلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى ٱلْوَارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

قوله: { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ } الآية.

قرأ مجاهد وحميد بن قيس، وابن محيصن / " لِمَنْ أَرَادَ أَنْ تُتِم الرضاعة " بالرفع بالتاء.

وقرأ أبو رجاء / " الرِّضَاعَةَ " بكسر الراء. وقرأ: " لاَ تَكَلَّفُ " بفتح التاء أراد تَتَكَلَّفُ.

قوله: { لاَ تُضَآرَّ }.

من رفع فهو خبر عن الله، معنى الأمر، ومعناه: / لا تضار والدة في علم الله، ولا تكلف نفس إلا وسعها.

والفتح أبين على النهي. ويجوز الكسر، لالتقاء الساكنين والفتح أخف.

وروى أبان عن عاصم " لاَ تُضَاررْ " بالجزم والإظهار، وهي لغة أهل الحجاز، وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس، غير أن ابن مسعود يفتح الراء الأولى.

وإجماع المسلمين أن تحريم المضارة للطفل من أبويه يدل على الجزم على النهي. كان اليزيدي يقول: " الرفع فيه معنى النهي " كأنه يريد أن الضمة ليست بإعراب، إنما هي لالتقاء الساكنين. وهذا بعيد لأنه يشبه النهي بالنفي.

ومعنى الآية / أن لفظها لفظ الخبر، ومعناها الإلزام، كما تقول: " حَسْبُكَ دِرْهَمٌ ". فلفظه لفظ خبر، ومعناه الأمر، فكذلك: { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ } هو على الإلزام ولفظه لفظ الخبر.

وقوله: { حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ }.

أَكّدَ " بكاملين " لجواز أن يكون " حولان " معناه حولٌ وبعضُ آخر، لأن العرب تقول: " أَقَامَ فُلاَنٌ شَهْرَيْنِ " ، وإن كان أقام شهراً أو بعض آخر. وهذا كما قال:فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ } [البقرة: 203]. والمتعجل إنما يتعجل في [يوم ونصف]، وكذلك اليوم الثالث.

والعرب تقول: " لم أرك مذ يومان " ، تقوله في اليوم الثاني، وهو لم يتم يومان. ومعنى ذلك: " لا ينزع الولد من أمه وهي تحب رضاعه وتأخذ كغيرها، فيكون " تُضَارَّ " فعلاً لم يسم فاعله، ويجوز أن يكون فعلاً سمي فاعله.

ومعناه: لا تترك رضاع ولدها وأخذ الأجرة، والصبي لا يقبل غيرها فتضارر بالأب والصبي.

قوله: { وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ }.

معناه: لا يضارر الوالد فيلقى إليه الطفل بعد ما عرف أمه وَأَلِفَها؛ تفعل ذلك لتقرب عدتها فتتزوج، لأنها إذا كانت ترضع، أبطأ عندها المحيض فتلقي الصبي، وهو لا يقبل غيرها فتضارر بالوالد والولد في ذلك. فنهى الله النساء عن ذلك.

فيجوز أن يكون أيضاً " مَوْلُودٌ " رفع على ما لم يسم فاعله على هذا التفسير. ويجوز أن يكون فاعلاً، ويكون المعنى: ولا يضارر الوالد بولده فيمنعه من أن يرضع أمه، وقد ألفها ولا يقبل غيرها، وهي تأخذ كما يأخذ غيرها فنهى الأب عن ذلك.

قوله: { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا }.

أي إن أرادا أن يفطما قبل الحولين عن تراض من الأبوين فلا جناح عليهما في ذلك، وليس لأحدهما فعل ذلك حتى يرد الآخر عند الثوري.

السابقالتالي
2