الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ ٱلْكِتَابِ وَٱلْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله: { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } الآية.

هذا مخاطبة للأزواج، ويكون البلوغ المقاربة.

وقيل: هو خطاب للأولياء، ويكون البلوغ التمام.

وكونه خطاباً للأزواج أولى لقوله: { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ }. وهذا لا يكون للأزواج.

ومعناه إذا كان للأزواج: وإذا طلقتم النساء فبلغن ميقاتهن من انقضاء العدة، أي قربن منها كما تقول: " إذا بلغت مكة فاغتسل " أي إذا قربت منها. أي إذا قربن منها فأمسكوهن.

ومن قال: هو مخاطبة للأولياء قال: نزلت في أخت معقل بن يسار عضلها معقل عن مراجعة زوجها بعد انقضاء عدتها، وكان قد طلقها طلقة واحدة ".

وقيل: هو خطاب للزوج يطلق امرأته طلقة واحدة. فإذا قرب انقضاء عدتها راجعها ثم يطلقها ليطول عليها، فنهى عن ذلك، وأصل العضل الحبس والمنع. وظاهر الآية يدل على أنه مخاطبة للأزواج. وبلوغ الأجل المقاربة؛ نهى الزوج أن يراجعها إذا قرب تمام عدتها، ثم يطلقها ليضار بها ويطول عليها، وهو ظاهر الخطاب.

وأكثر المفسرين على أنها مخاطبة للأولياء؛ ويكون بلوغ الأجل تمامه. وملك المرأة لنفسها، إذا جعلته خطاباً للأولياء.

وإن جعلته خطاباً للأزواج فبلوغ الأجل المقاربة.

فالمعنى: فراجعوهن إن أردتم مراجعتهن.

{ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ } أي اتركوهن حتى تتم العدة.

{ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً }. أي: لا يحل لكم أن تراجعوهن مضارة لتطول العدة عليها فيضرّ بها. وقال الضحاك وغيره: { وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً }: " هو أن يطلقها حتى إذا كادت أن تنقضي عدتها راجعها، فإذا كادت أن تنقضي راجعها مضارة، وهو لا يريد / إمساكها، فنهى الله عن ذلك ". وهو قول ابن عباس وقتادة والربيع وغيرهم.

وقال السدي: " نزلت في رجل من الأنصار وهو ثابت بن يسار، طلق امرأته، حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة راجعها ثم طلقها. ففعل ذلك حتى مضت لها تسعة أشهر مضارة، / فأنزل الله الآية ".

قوله: { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ }.

أي من يضارر برجعته فإنما يضر / نفسه لأنه يأثم.

قوله: { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً }.

قال الحسن: كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يُطَلّق الرجل أو يعتق، فيقال له: ما صنعت؟ فيقول: " إنّي كنت لاعباً " ، فأنزل الله: { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً }.

وروى أبو هريرة عن النبي [عليه السلام]: أنه قال: " ثَلاَثٌ جِدُّهُّنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَلاَقُ وَالعَتَاقُ وَالرَّجْعَةُ ".

وقالت عائشة رضي الله عنها: " كان الرجل يطلق امرأته ويقول: " والله لا أُؤْوِيكِ وَلاَ أَدَعُكِ؟ قالت: وكيف ذلك؟ قال: إذا كِدتِ تقضين عدتك راجعتك. فنزلت: { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً }.

قوله: { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ }. يعني الإسلام.

{ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ ٱلْكِتَابِ وَٱلْحِكْمَةِ }. يعني القرآن.

{ يَعِظُكُمْ بِهِ }: أي بالقرآن.

{ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي خافوه فيما أمركم به مما أنزل عليكم ووعظكم به.