الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ }

قوله: { ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ } أي: فعليكم إمساك، هذه الآية ناسخة لما كانوا عليه؛ وذلك أن الرجل كان يطلق امرأته ما شاء من الطلاق، فإذا كادت تحل راجعها، فنسخ الله ذلك بأنه إذا طلق ثلاثاً، لم تحل له إلا بعد نكاح زوج آخر.

وقيل: إنها منسوخة بقوله:فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } [الطلاق: 1] وقيل: هي محكمة، وقوله:فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } [الطلاق: 1] تبيين لقوله: { ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ }.

ومن قال: إنها محكمة منهم، قال: " لا ينبغي أن يطلق إلا اثنتين، ثم إن شاء طلق الثالثة أو أمسك لقوله: { ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ }. قاله عكرمة.

وقال الشافعي: " يطلقها في كل طهر لم يجامعها فيه ما شاء ".

وقال أكثر الناس: " يطلقها في كل طهر طلقة واحدة ".

ومعنى { ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ }: أي: الطلاق الذي يجوز معه الرجعة وتملك المرأة بعده مرتان، فهو تبيين للعدد.

/ [وقوله]: { أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ }.

هي الثالثة التي لا ملك للرجل على المرأة بعدها، روي ذلك عن النبي [عليه السلام].

وقيل: / معنى { أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ }: يتركها فلا يراجعها حتى توفي عدتها.

وعن ابن عباس: { تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ }: " لا يظلمها من حقها شيئاً ".

قال ابن عباس: "وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً } [النساء: 21] هو { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ } ، أي صحبة حسنة، أو { تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ } ، لا يظلمها من حقها شيئاً ".

قوله: { وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً }.

أي مما أعطيتموهن إذا أردتم / فراقهن.

قوله: { إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ }.

اختار أبو عبيد الضم في { يَخَافَآ } على قراءة حمزة، واحتج بقوله: { فَإِنْ خِفْتُمْ } ، فجعل الخوف لغيرهما، ولم يقل: " فإن خافا ". وفيه حجة لمن جعل الخلع إلى السلطان ".

والخوف هنا عند أبي عبيدة بمعنى اليقين. وهذا النص إنما هو في الخلع الذي يكون بين الزوجين، فيأخذ منها ما اتفقا عليه، ويتركها لقوله: { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ }.

ولا يحل للزوج أن يأخذ من المرأة شيئاً على طلاقها إذا كانت المضارة من قبله، وإنما يأخذ منها على الطلاق إذا كانت هي التي كرهته، وأحبت فراقه من غير مضارة منه لها.

وهذه الآية عند بعضهم منسوخة، ولا يجوز أن يأخذ منها شيئاً نسخها قوله:وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً } [النساء: 20].

وأكثر الناس على أنها محكمة، وأن له أن يأخذ منها ما اتفقا عليه، وتلك الآية في النساء إنما هي لمن أراد الاستبدال، وهذه لمن خيف منهما ألا يقيما حدود الله، فهما محكمتان.

" وروي أن هذه الآية نزلت في جميلة بنت عبد الله بن أبي [بن] سلول وفي زوجها ثابت بن قيس بن شماس، وكانت تبغضه ويحبها، فأتت أباها فردها ولم يشكها، فصارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: " إن ثابتاً [يظلمني ويضربني]. فأحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتاً فقال: " والله يا رسول الله ما على وجه الأرض أحد أحب إلي منها سواك ". فقال للمرأة: " مَا تَقُولِينَ؟. فقالت: " يا رسول الله، ما كنت لأخبرك بخبر ينزل عليك الوحي بإبطاله، هو كما وصف، وفرق بيني وبينه ". فقال ثابت: " فترد إلي الحديقة التي جعلتها لها ". فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بردها، ثم طلقها "

السابقالتالي
2 3