الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ } * { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

قوله: { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ }.

قال ابن عباس: " عَمَّ تحريمُ كل مشركة ثم استثنى منهن أهل الكتاب بقوله:وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } [المائدة: 5].

وقال عكرمة والحسن: " نسخ من ذلك نساء أهل الكتاب ".

وكذلك قال مالك: " هي منسوخة " ، وهو قول سفيان.

وقال ابن جبير: " الآية عامة محكمة مخصومة في مشركات العرب، لم يعن بها / غيرهن ".

وقد قيل: هي ناسخة للتي في النساء والمائدة روي ذلك عن ابن عباس، وابن عمر، وعن عمر رضي الله عنه. والإجماع على خلاف ذلك، وطرق الأسانيد عنهم فيها ضعف.

وروي أن عمر فرق بين طلحة بن عبيد الله ويهودية، وبين حذيفة بن اليمان ونصرانية، وأراد أن يبطش بهما على نكاحهما.

وقال / ابن عمر: " حرم الله المشركات في كتابه على المؤمنين، ولا أعرف شيئاً من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى ". وقد سمى الله اليهود والنصارى مشركين في كتابه في " براءة " وغيرها؛ قال:ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [التوبة: 31]. فهذا هو الشرك بعينه.

وأكثر الصحابة والفقهاء على جواز نكاح الكتابيات وهو نص القرآن، ولم يختلف الفقهاء في منع نكاح المسلم إماء أهل الكتاب إلا أبا حنيفة فإنه أجازه.

وأصل النكاح في اللغة الوطء. تقول العرب: " أَنْكَحْتُ الأَرْضَ الْبُرَّ " إذا بذرته فيها، ومن هاهنا ثبت أن قوله:حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } [البقرة: 230] يراد به الوطء دون العقد، وبذلك أتت السنة، وقد كثر حتى استعمل اسماً للعقد إذ هو سبب الوطء.

وجاز أن تقول: { وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ } ، والمشرك لا خير فيه، كما تقول العرب: " الآباء أحق بالميراث من الخال " ، ولا حق للخال في الميراث.

وحكى نفطويه في كتاب " التوبة " له أن العرب تأتي بأفعل على ضربين: أحدهما تفضيل أحدهما على الآخر وفي الآخر فضل. / والثاني أن يكون إيجاباً للأول ونفياً عن الثاني كقوله تعالى:أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً } [الفرقان: 24] فهو نفي عن أن يكون في النار خير.

وقيل: / المعنى: وَلإِنْكَاحُ عبد مؤمن خير من إنكاح حر مشرك.

وهذه الآية نزلت في رجل نكح أمة فعذل عن ذلك وكان الذين [عذلوه يريدون] تزويج نساء أهل الشرك لحسبهن ومالهن وجمالهن، فأخبر الله تعالى أن " أمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " ، أي ولو أعجبكم حسنها وحسبها.

ثم أخبرنا بمنع نكاح المشرك المسلمة من أهل الكتاب كان أو من غيرهم، فأعلمنا أن عبداً مؤمناً خير من مشرك.

وبهذا يحتج من جعل الأول عاماً في الكتابية وغيرها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6