الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ فِرَٰشاً وَٱلسَّمَاءَ بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

قوله: { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ فِرَٰشاً }.

أي بساطاً، وإنما سميت الأرض أرضاً لارتعادها عند الزلازل. يقال: " رجل ما روض " إذا / كانت به رعدة، " وأرض ماروضة " إذا كانت كثيرة الزلازل.

وقوله: (مهاداً) هو خصوص مهد الله من الأرض ما بالناس إليه حاجة ومنفعة. وإلا ففيها السهل والوعر والجبال والأودية والهبوط والصعود.

قوله: { وَٱلسَّمَاءَ بِنَآءً }.

أي مرتفعة عليكم. والسماء تذكر وتؤنث.

وقال المبرد: " السماء هنا جمع السماوات [كتمرة وتمر]، ودليله قوله:فَسَوَّٰهُنَّ } [البقرة: 29]. ولم يقل " فسواها ".

وتجمع السماء / إذا كانت واحدة على ستة أبنية:

- جمعان مسلمان، تقول: سماوات وسماءات.

- وجمعان مكسران لأقل العدد، تقول: سماء واسم وأسمية.

- وجمعان مكسران لأكثر العدد، تقول سماء وسمايا وسمي، وإن شئت كسرت السين في " سمي ". وقد جاء في الشعر " سَمَاءِيَا ". وفيه اتساعات ثلاثة. قال: / الشاعر:
سَمَاءُ الإلهِ فوقَ سَبْعِ سَمَاءِيَا.   
فعلى هذا يجوز أن تجمع سماء على سماء كصحار. فالشاعر شبه سماء برسالة لأن السَّمَاءَ فَعَالٌ، ورِسَالَةٌ فِعَالَةٌ، وهما أختان في عدد الحروف والحركات.

- والثالث فيها ألف بعدها كسرة، فكان يجب أن تقول " سمايا " ، كما تقول: " رَسائِلٌ " و " خطايا " ، فأتى به على الأصل، فقال " سمائي " ، ثم لحقته ضرورة أخرى فأجرى المعتل مجرى السالم فقال: سمائي، وكان [حقه إذ] أتى به على الأصل أن يقول " سماء " كجوار وقاض لكنه أجراه للضرورة مجرى ما لا ينصرف من السالم ففتح، ثم أطلق الفتحة فصارت ألفاً، فقال " سماءيا ". ففيه ثلاثة اتساعات.

وفي الوقف على السماء المنصوبة خمسة أوجه:

- [أولها: أن تَقِفَ] على همزة ساكنة بعد مدة.

- والثاني: أن تروم حركة الهمزة وتمد.

- والثالث: أن تجعل الهمزة بين بين، وتروم الحركة وتمد.

- والرابع: أن تبدل من الهمزة أيضاً ثم تحذفها لسكونها وسكون الألف التي قبلها ولا تمد.

- والخامس: أن تبدل أيضاً وتحذف وتمد لتدل المدة على الأصل لأن الحذف عارض. وفي الوقف على بناء المنصوب أوجه:

- " بناء " بهمزة مفتوحة بعدها ألف، وقبلها ألف، فتمد قبل الهمزة مداً مشبعاً، وبعدها مداً ممكناً، وعليه أكثر القراء.

- والثاني: أن تجعل الهمزة بين بين، وتمد. وهو مذهب حمزة في الوقف.

- والثالث: أن تحذف الهمزة، وتحذف الألف لالتقاء ألفين، ولا تمد، فيصير بلفظ المقصور لغة للعرب، لم يقرأ به أحد.

- والرابع: أن تحذف الهمزة والألف على ما ذكرنا، وتمد لتدل على أن أصله المد.

السابقالتالي
2