قوله: { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ فِرَٰشاً }. أي بساطاً، وإنما سميت الأرض أرضاً لارتعادها عند الزلازل. يقال: " رجل ما روض " إذا / كانت به رعدة، " وأرض ماروضة " إذا كانت كثيرة الزلازل. وقوله: (مهاداً) هو خصوص مهد الله من الأرض ما بالناس إليه حاجة ومنفعة. وإلا ففيها السهل والوعر والجبال والأودية والهبوط والصعود. قوله: { وَٱلسَّمَاءَ بِنَآءً }. أي مرتفعة عليكم. والسماء تذكر وتؤنث. وقال المبرد: " السماء هنا جمع السماوات [كتمرة وتمر]، ودليله قوله:{ فَسَوَّٰهُنَّ } [البقرة: 29]. ولم يقل " فسواها ". وتجمع السماء / إذا كانت واحدة على ستة أبنية: - جمعان مسلمان، تقول: سماوات وسماءات. - وجمعان مكسران لأقل العدد، تقول: سماء واسم وأسمية. - وجمعان مكسران لأكثر العدد، تقول سماء وسمايا وسمي، وإن شئت كسرت السين في " سمي ". وقد جاء في الشعر " سَمَاءِيَا ". وفيه اتساعات ثلاثة. قال: / الشاعر:
سَمَاءُ الإلهِ فوقَ سَبْعِ سَمَاءِيَا.
فعلى هذا يجوز أن تجمع سماء على سماء كصحار. فالشاعر شبه سماء برسالة لأن السَّمَاءَ فَعَالٌ، ورِسَالَةٌ فِعَالَةٌ، وهما أختان في عدد الحروف والحركات. - والثالث فيها ألف بعدها كسرة، فكان يجب أن تقول " سمايا " ، كما تقول: " رَسائِلٌ " و " خطايا " ، فأتى به على الأصل، فقال " سمائي " ، ثم لحقته ضرورة أخرى فأجرى المعتل مجرى السالم فقال: سمائي، وكان [حقه إذ] أتى به على الأصل أن يقول " سماء " كجوار وقاض لكنه أجراه للضرورة مجرى ما لا ينصرف من السالم ففتح، ثم أطلق الفتحة فصارت ألفاً، فقال " سماءيا ". ففيه ثلاثة اتساعات. وفي الوقف على السماء المنصوبة خمسة أوجه: - [أولها: أن تَقِفَ] على همزة ساكنة بعد مدة. - والثاني: أن تروم حركة الهمزة وتمد. - والثالث: أن تجعل الهمزة بين بين، وتروم الحركة وتمد. - والرابع: أن تبدل من الهمزة أيضاً ثم تحذفها لسكونها وسكون الألف التي قبلها ولا تمد. - والخامس: أن تبدل أيضاً وتحذف وتمد لتدل المدة على الأصل لأن الحذف عارض. وفي الوقف على بناء المنصوب أوجه: - " بناء " بهمزة مفتوحة بعدها ألف، وقبلها ألف، فتمد قبل الهمزة مداً مشبعاً، وبعدها مداً ممكناً، وعليه أكثر القراء. - والثاني: أن تجعل الهمزة بين بين، وتمد. وهو مذهب حمزة في الوقف. - والثالث: أن تحذف الهمزة، وتحذف الألف لالتقاء ألفين، ولا تمد، فيصير بلفظ المقصور لغة للعرب، لم يقرأ به أحد. - والرابع: أن تحذف الهمزة والألف على ما ذكرنا، وتمد لتدل على أن أصله المد.