الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } * { فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

قوله: { قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ }.

من قرأ بالثاء فقراءته مختارة، لأن الكثرة تشتمل على العظم والكبر، والكبر والعظم لا يشتمل على الكثرة فبالثاء أعم وأولى. وكل ما كثر فقد عظم وليس كل ما عظم بكثير، فوصف الإثم بالكثرة أبلغ من وصفه بالعظم، وقد قال تعالى:وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } [الفرقان: 14] وأيضاً فإن الإثم الأول بمعنى الآثام لقوله: " ومنافع " ولم يقرأ " ومنفعة ". والآثام فبالكثرة توصف أولى من العِظم. وأما الثاني فهو إجماع بالباء لأنه يراد به التوحيد لا الجمع.

ومن قرأ بالباء فحجته إجماعهم على { أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا } بالباء، أي أعظم. وقوله:حُوباً كَبِيراً } [النساء: 2]، وقول العرب: " إِثْمٌ صَغِيرٌ " ، يدل على جواز " كبير " وحُسْنِه وترك استعمالهم " لإثم قليل " ، يدل على بعد " كثير ". وإجماع المسلمين على قولهم: " صغائر وكبائر " ، يدل على حسن " كبير ". ونزلت الآية جواباً لمن سأل النبي [عليه السلام] عن الخمر والميسر.

/ والخمر: ما خامر العقل أي ستره، فكل شراب ستر العقل وأحاله فهو خمر، يقال: " دخل فِي خِمَارِ النَّاسِ " أي هو مستتر في الناس، ويقال للضبع: " خَامِرِي أُمِّ عَامِر " ، أي استتري. وخمار المرأة قناعها لأنه يسترها. وقولهم: " اخْتَمَرَ الْعَجِينُ " ، أي غطى فطورته الاختمار.

والميسر القمار سمي بذلك لما كانوا ييسرون من الجزور وغيرها للقمار عليها.

وقال مجاهد: " كل القمار من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز ".

وقال عطاء: " حتى لعب الصبيان بالكعاب ".

وقال القاسم: " كل ما أنهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر ".

قال ابن عباس: " كان الرجل في الجاهلية يخاطر عن أهله وماله، فأيهما قامر صاحبه ذهب بأهل الآخر وماله ".

وأشعار العرب: تدل على أن الميسر كان قماراً بينهم في الجزور خاصة.

وقيل: سمي ميسراً لأنهم كانوا يجزرون الجزور. وكل / شيء جزرته فقد يسرته والياسر الجازر. فقيل للضاربين بالقداح: ياسرون، لأنه سبب لتجزئة الجزور.

ويقال للضارب بالقداح " يَسَرٌ وأَيْسَارٌ ".

وقيل: إن " يَسْراً " جمع " لِيَاسِرٍ " ، ثم يجمع " يَسَرٌ " على " أَيْسَارٍ " وكانت العرب أهل المقدرة منهم يقامرون على الإبل في الشدائد، ويجعلون لحومها للفقراء / منهم لتعدل أحوال الناس، ولذلك قال: " { وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ } ".

والقداح التي كانوا يقامرون بها عشرة: منها سبعة ذوات خطوط، على كل واحد علامة يعرف بها، وهي: الفذ، والتوأم، والرقيب، والحلس، والنافس، والمسبل، والمعلى.

السابقالتالي
2 3