الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ }

قوله: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } الآية.

" أم " للخروج من حديث إلى حديث.

وقال الطبري: " أم " للاستفهام، ومعنى اللام " أحسبتم ". قال: وإنما تكون " أم " للاستفهام إذا تقدمها كلام، فإن لم يتقدمها كلام لم تقع كذلك ".

قوله: { حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ }.

النصب فيه على الغاية كأنك قلت: " وزلزلوا إلى أن يقول الرسول ". فيكون الفعلان قد مضيا. ويجوز النصب في غير القرآن على أن تجعل الثاني من أجله وقع الأول، كأنك قلت: " كي يقول " ، فالأول حدث كي يكون الثاني، ولا يحسن هذا في الآية.

والرفع في الآية على أن يكون ما بعدها جملة لا تعمل " حتى " فيه، أي " وزلزلوا، فقال الرسول " ، ويكون الفعلان أيضاً مضيا أي حتى هذه حال الرسول، ويجوز الرفع في الكلام على أن يكون الأول قد مضى، والثاني في الحال؛ تقول: " سرت حتى أدخلها " أي حتى أنا الآن أدخلها، فالسير مضى، والدخول الآن، ولا يجوز هذا في الآية.

وقال أبو عمرو: " لما اختلف الفعلان في الآية، كان الوجه في الثاني النصب ".

قوله: { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ }.

يجوز في " قريب " النصب على أنه نعت لظرف محذوف. ولا يثنى قريب ولا يجمع ولا يؤنث إلا أن يكون للنسب والقرابة، فيجوز ذلك فيه.

ومعنى الآية: أحسبتم أيها المؤمنون أن تدخلوا الجنة ولم يصبكم مثل ما أصاب من كان قبلكم من اتباع الأنبياء من الشدائد والخوف حتى قال الرسول والذين معه: { مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } ، كأنهم استبطأوا النصر فأخبرهم الله تعالى أن / نصر الله قريب.

وقيل: إن في الآية تقديماً وتأخيراً وحذفاً للاختصار والتقدير: وزلزلوا حتى يقولوا؟ { مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } ، ويقول لهم / الرسول: { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } استبطأوا النصر وزاد عليهم الخوف، فقالوا: متى نصر الله؟ فقال لهم الرسول: { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ }.

فقوله: { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } من قول الرسول، وقوله: { مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } من قول المؤمنين من أمة الرسول.

وهذه الآية في قول السدي وقتادة نزلت يوم الخندق حين اشتد على المؤمنين أمر الأحزاب وآذاهم البرد وضيق العيش، وفيه نزل:يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ } [الأحزاب: 9] إلىقَدِيراً } [الأحزاب: 27].

قال السدي: [اشتد على / المؤمنين الأمر] حتى قال قائلهم:مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً } [الأحزاب: 12]. يريد قاله بعض المنافقين.

وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } [الأنفال: 49]. أي شك. قالوا ذلك أيضاً / كذلك حكى الله عنهم في سورة الأحزاب.

السابقالتالي
2