قوله: { يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } الآية. قال ابن مسعود: " كل شيء في القرآن، { يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } فهو مكي، وكل شيء في القرآن: { يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } فهو مدني ". وقاله عروة بن الزبير والضحاك. قال أبو محمد: وهذا القول إنما هو على الأكثر وليس بعام، لأن البقرة والنساء مدنيتان وفيهما { يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ }. وفي كثير من السور المكية{ يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [البقرة: 104] ومعنى الآية يا أيها الناس، أخلصوا العبادة لربكم الذي خلقكم، وخلق الذين كانوا من قبلكم، وإنما خاطب الله الكفار بهذا لأنهم كانوا مقرين بأن الله خالقهم، دليل ذلك قوله:{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } [الزخرف: 87]. فقيل لهم: إذا كنتم مقرين بأن الله خالقكم فاعبدوه، ولا تجعلوا له شركاء، ومعنى الخلق الاختراع. وقيل: هو التقدير، تقول: " خلقت الأديم " إذا دبرته وقدرته. / والخلق الذي هو الاختراع والابتداع على أربعة أوجه: - الأول: خلق ما لم يكن كخلق الله العالم من غير شيء. - والثاني: قلب عين إلى عين، كقلب الله النطفة علقة والعلقة مضغة، والمضغة عظاماً / فالثاني غير الأول. - والخلق الثالث: تغيير العين وهي موجودة كرد الله الصغير كبيراً، والأبيض أصفر، فالعين قائمة والصفة تغيرت. - والرابع: تغير الحال والعين كما هو، نحو كون القائم قاعداً، والعاجز قادراً، فلم تتغير العين ولا الصفة، إنما تغيرت الحال. قوله: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }. أي تتقون ما نهاكم الله عنه. وقيل: معناه لعلكم تتقون " الذي جعل ". " فالذي " في موضع نصب بـ { تَتَّقُونَ }. و " لعل " مردودة إلى المخاطبين. والمعنى اعبدوه واتقوه على رجائكم وطمعكم. وحكى الزجاج: أن " لعل " بمعنى " كي " في هذا الموضع، وهو بعيد.