الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُونِ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ }

قوله: { فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ }.

فرق أبو عمرو بين الجدال والرفث والفسوق فجعل " لا " مع الجدال للتبرئة، وفتح وجعلها مع الرفث والفسوق، بمعنى " ليس " / فرفع / وذلك لأن الجدال أتى على غير معنى ما قبله، لأن معنى الأول النفي الذي ليس بعام إذ قد يقع فيه الرفث والفسوق من أهل الخطايا، فجعلت " لا " بمعنى " ليس ".

ومعنى الثاني أنه نفي عام إذ قد استقرت معالم الحج وثبت فرضه واستقام أداؤه، فلا جدال في إيجابه لأحد من الناس، ففتحه على ذلك.

وقيل: المعنى: ولا جدال في كون الحج في ذي الحجة لأنهم كانوا يقدمون فيحجون في غير أشهر الحج ويؤخرون مثل ذلك.

وروي عن ابن عباس أنه قال: " الجدال أن تماري صاحبك ".

فهذا التفسير يوجب أن تجري الثلاثة مجرى واحداً.

ويجوز في الكلام النصب في الثاني والثالث والتنوين، [تعطفه على موضع لفظ لا]، وما عملت فيه. ويجوز فتح الأول ورفع الثاني والثالث والتنوين؛ تعطفه على موضع " رفث " قبل دخول " لا ". وقرأ أبو جعفر يزيد برفع الثلاثة والتنوين، أجراها مجرى واحداً.

قوله: { ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ }.

معناه: أشهر الحج أشهر معلومات ثم حذف، وهي: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.

وقيل: ذو الحجة كامل. وهما مرويان عن مالك.

قوله: { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ } أي من أوجبه.

وقيل: من أحرم فيهن.

والرفث هو الإفحاش للمرأة بالكلام في الجماع.

وقال ابن عمر: " الرفث إتيان النساء، والتكلم بذلك للرجال والنساء ". وهو مروي عن ابن عباس.

وقال مالك: " الرفث إصابة النساء " ، قال: " والفسوق: الذبح للأصنام، والجدال هو تخاصمهم في المواقف ".

قوله: { وَلاَ فُسُوقَ }.

لا معاصي فيما نهى عنه من قتل صيد أو أخذ شعر أو تقليم ظفر، ونحوه.

وروى مجاهد عن ابن عمر: " { لاَ فُسُوقَ }: لا سباب ". وكذلك روى عن ابن عباس.

وقال ابن زيد: { وَلاَ فُسُوقَ } لا ذبح للأصنام، وقرأ:أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ } [الأنعام: 145].

وقوله: { وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ }: أي لا يماري المحرم أحداً.

وقيل: لا مراء فيه، أنه في ذي الحجة.

وقيل: معناه: لا يقال: / حجي أتم من حجك.

وقيل: نهوا أن يختلفوا في اليوم الذي يكون فيه الحج.

وقيل: إنهم نهوا أن يتماروا في المناسك، فيقول هؤلاء: هذا موقف [إبراهيم ويقول الآخرون]: بل هذا.

وقيل: بل ذلك إخبار من الله أن الحج / قد استقامت أوقاته لا تتقدم ولا تتأخر وأن [النسيء باطل لا نسء] فيه، قد استقام وثبتت أوقاته.

السابقالتالي
2