قوله: { وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ }. قال النبي [عليه السلام]: " مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً في سَبِيلِ الله كُتِبَتْ لَهُ بِسَبْعِمائة ضِعْفٍ ". و " إِلَى " متعلقة بـ { تُلْقُواْ }. والباء متعلقة بالمصدر عند المبرد، وهي زائدة عند الأخفش. والتهلكة: الهلاك. حضّ الله المسلمين على النفقة في سبيله والجهاد لئلا يقوى العدو، فتصير عاقبة أمرهم إلى الهلاك. والتهلكة عند سفيان: ترك النفقة في سبيل الله عز وجل. وقال ابن عباس: " التهلكة الإمساك عن النفقة في سبيل الله تعالى " وقال ابن زيد وغيره: " معناه: لا تخرجوا إلى الغزو بغير نفقة، أمروا أن ينفقوا في سبيل الله وأن لا يخرجوا بغير نفقة، فيهلكوا أنفسهم ". وقال زيد بن أسلم: " كان رجال يخرجون إلى البعوث بغير نفقة، فإما أن يقطع بهم، وإما أن يكونوا عالة على الناس، فأمروا ألا يخرجوا على تلك الحال ". وقال البراء بن عازب: " { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ }: هو الرجل يصيب الذَّنْبَ فيلقي بيده إلى التهلكة، يقول: " لا توبة لي ". فأمروا ألا ييأسوا من رحمة الله عز وجل ". وقال أبو قلابة: هو الرجل يصيب الذنوب، فيقول: " لا توبة لي " ، فينهمك في المعاصي، [فأمر / ألا ييأس] من رحمة الله سبحانه ". وقال أبو أيوب الأنصاري: " فينا نزلت هذه الآية، وذلك أنا / معشر الأنصار لما أعز الله دينه قلنا سراً: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أقمنا فيها نصلحها ". فأنزل الله عز وجل يرد علينا ما قد هممنا به من التخلف عن الجهاد ". فمعناه: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } أي: لا تتأخروا عما هو أنفع لكم وهو الغزو. والعرب تقول: " ألْقَى فلان بيديه " إذا استسلم. قوله: { وَأَحْسِنُوۤاْ }. قيل: معناه: أحسنوا الظن بالله عز وجل في المغفرة لمن تاب. هذا على قول من قال: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ }. معناه في الذنوب، وألا ييأس من رحمة الله عز وجل. وقيل معناه: أحسنوا الإنفاق. وقيل: معناه: أداء الفرائض. وقيل: معناه: أحسنوا الظن بالله تعالى أنه يضاعف الحسنات ويخلف النفقة.