قوله { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } إلى قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }. معناه: فرض / عليكم الوصية إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً - أي: مالاً - / للوالدين والأقربين، كان الله عز وجل قد فرض علينا أن نوصي عند الموت للوالدين والأقربين، ثم نسخ ذلك بآيات الميراث في النساء. وقيل: هي محكمة واجبة لمن لا يرث من الوالدين والأقربين. وهو اختيار الطبري. وروي عن الضحاك أنه قال: " من مات ولم [يوص لذي] قرابته فقد ختم عمله بمعصية ". وقال الحسن: " إذا أوصى الرجل لغير ذي قرابته بثلثه فلهم ثلث الثلث وباقي الثلث لقرابته ". وقاله طاوس. وكونها منسوخة قول ابن عباس وقتادة. وعن قتادة والحسن أنه " إنما نسخ منها الوالدان، وبقي الأقربون الذين لا يرثون بالوصية لهم فرض ". وقال ابن زيد: " نسخ الله ذلك كله، وفرض الفرائض ". وهو قول ابن عمر وعكرمة ومجاهد والسدي. واختلفوا في نسخها فقال أكثرهم: " نسختها آيات النساء في المواريث. وقال بعضهم: " نسخها قول النبي [عليه السلام]: " لا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ". وجواب الشرط عند الأخفش فاء محذوفة، والتقدير: " فالوصية ". فعلى هذا يبتدأ بها لأنها مرفوعة بالابتداء. ويجوز أن تجعل { ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ } جواب الشرط، وتقدر به التقديم لأن الشرط إذا كان فعلاً ماضياً جاز تقدم الجواب عليه، فيكون التقدير: " الوصية لِلوالدين والأقربين إن ترك خيراً، فيحسن رفع الوصية / أيضاً بالابتداء، ويحسن رفعها على ما لم يسم فاعله. وكلهم على أن { خَيْراً } في الآية: المال. قال قتادة: " الخير: ألف دينار فما فوقه ". وروى هشام بن عروة عن عروة، أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل على ابن عم له يعوده فقال: إني أريد أن أوصي، فقال: لا توص، فإنك لم تترك خيراً فتوصي. قال: فكان ما ترك من السبعمائة إلى التسعمائة ". وقالت عائشة رضي الله عنها لرجل معه أربع مائة دينار وله ولد كثير: " لا توص ". وقال النخعي: " هو ما بين الخمسمائة درهم إلى الألف ". وقال الزهري: " الوصية حق مما قل أو كثُر ". وهو اختيار الطبري. ويروى عن علي أنه قال: " أربعة آلاف درهم فما دونها نفقة ". ومعنى { بِٱلْمَعْرُوفِ }: أي لا يضار الورثة مما يوصي فيما يوصي، فيوصي بأكثر من الثلث. وقوله: { حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ }: أي: على من اتقى الله فاتبع ما أمره. ثم قال تعالى: { فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ }.