الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَٰوةٌ يٰأُولِي ٱلأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى }. إلى قوله: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }.

معناه: فرض عليكم القصاص في قتلاكم.

فـ " كتب " بمعنى " فرض " ، ومنه قوله:فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ } [النساء: 77] أي: فرضته.

وقيل: كتب ذلك في اللوح المحفوظ.

ويكون " كَتَبَ " بمعنى " قَضَى ". من قوله:قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا } [التوبة: 51]. / أي: قضى علينا.

ويكون " كتب " بمعنى جعل كقوله:كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ } [المجادلة: 22].

وكقوله:فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ } [آل عمران: 53]. وفَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } [الأعراف: 156].

ويكون " كَتَبَ " بمعنى " أَمَرَ " كقوله:ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } [المائدة: 21].

والمعنى: فرض عليكم أن تقتصوا ممن قتل أولياءكم إن شئتم ذلك، وليس القصاص بفرض عليهم، إنما هو مباح لهم، وإن شاء الولي عفا وإن شاء أخذ الدية.

قال ابن عباس: " كان في بني إسرائيل القصاص، ولم تكن فيهم الدية، ثم بين تعالى كيف القصاص، فقال: { ٱلْحُرُّ / بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ } ، أي: يقتل هذا بهذا.

ولا يقتل حر في عبد عند مالك والشافعي.

وهذه الآية عند ابن عباس / منسوخة بقوله:وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ } [المادة: 45]، لأن آية البقرة توجب ألا تقتل امرأة قتلت رجلاً، ولا رجل قتل امرأة، ولا عبد قتل حراً، وآية المائدة توجب قتل النفس بالنفس، فيلزم منها يقتل الحر بالعبد. لكن فيها تخصيص.

قال ابن عباس: " كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة فأنزل الله { ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ } فجعل الله الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم في العمد، - رجالَهم ونساءَهم - في النفس وفيما دون النفس ".

وتأول أبو عبيد على ابن عباس أن مذهبه: أن آية المائدة ليست بناسخة لآية البقرة، وكأن آية المائدة مفسرة لآية البقرة، فبينت آية المائدة أن أنفس الأحرار متساوية فيما بينهم دون العبيد ذكوراً كانوا أو إناثاً، وأن أنفس المماليك متساوية أيضاً فيما بينهم وأنه لا قصاص للمماليك على الأحرار، فالآيتان محكمتان عنده إحداهما مبينة للأخرى مفسرة لها.

وقال الشعبي: " نزلت آية البقرة في قوم اقتتلوا فقتل بينهم خلق كثير، فقالت الغالبة العزيزة من القبيلتين المتقاتلتين: " لا نقتل بالعبد منا إلا الحر منهم ولا بالأنثى منا إلا الذكر منهم " فأنزل الله: { ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ }. وقال السدي: " نزلت في فريقين وقعت بينهما قتلى، فأمر النبي [عليه السلام] أن يقاص بينهما، ديات النساء بديات النساء، والرجال بالرجال ".

فالآية على هذا محكمة مخصوصة.

/ وقال الحسن: " الآية على التراجع: إذا قتل رجل امرأة، كان أولياء المرأة بالخيار، إن شاؤا قتلوا الرجل وأدوا نصف الدية، وإن شاؤا أخذوا نصف الدية.

السابقالتالي
2 3