الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ فَمَنْ حَجَّ ٱلْبَيْتَ أَوِ ٱعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } * { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } * { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } * { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

قوله: { إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ }.

إلى قوله: { لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }.

الصفا والمروة جبلان متحاذيان بمكة معروفان، ولذلك دخلت الألف واللام فيهما للتعريف.

وجمع الصَّفَا أَصْفَاء كَرَحَا وأَرْحَاء. ويجوز في جمعه: صُفِيٌّ وصِفِيٌّ، كَعَصَا وَعُصِيُّ وعِصِيٌّ.

وجمع مَرْوَة مَرْو [كَتَمْرَةٍ وَثَمْرٍ]، وإن شئت مَرَوَاتٍ كَتَمَراتٍ.

والصفا في اللغة الحجارة الصلبة التي لا تنبت شيئاً.

والمروة الحصاة الصغيرة.

وقوله: { مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ }.

أي: من معالم الله التي جعلها لعباده مشعراً يعبدونه عندها إما بالدعاء وإما بالصلاة، وإما بأداء ما افترض عليهم من العمل عندهما.

وقيل: شعائر الله من أعلام الله التي تدل على طاعته من موقف ومشعر ومذبح، والواحدة شعيرة من " شَعَرْتُ بِهِ ".

وكان مجاهد يرى أن الشعائر جمع شعيرة من إشعار الله تعالى عباده ما يجب عليهم من طاعته، قال: " أَشْعَرْتُهُ بِكَذَا " ، أي: أعلمته به. وقال الطبري: " إنما أعلم الله عباده المؤمنين أن السعي بينهما من مشاعر الحج التي سنّها الله تعالى لهم، وأمر بها خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم إذ سأله أن يريه مناسك الحج، وهو [خبر يراد به] الأمر لأن الله سبحانه قد أمر نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين باتباع ملة إبراهيم.

ثم قال: { فَمَنْ حَجَّ ٱلْبَيْتَ أَوِ ٱعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا }.

هذه الآية نزلت في سبب أقوام من المؤمنين قالوا في سبب أصنام كانوا يطوفون بها في الجاهلية قبل الإسلام تعظيماً لها: كيف [نطوف بها، وقد] علمنا أن تعظيم الأصنام وجميع ما كانوا يعبدون من دون الله عز وجل / شرك بالله سبحانه؟ فلا سبيل إلى تعظيم شيء مع الله عز وجل. فأنزل الله تعالى في ذلك { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } من أول الآية.

والجناح الإثم، مأخوذ من قولهم: " جَنَحَ عَلَيْه " إذا مال، و " جَنَحَ عَنِ الحَقّ " إذا مال عنه. ومنه سمي جناح الطائر لأنه مائل في ناحية، وقولهوَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ } [القصص: 32]: معناه يدك لأنها في موضع الجناح. والهاء في (عَلَيْهِ) تعود على (مَنْ). و " من " تصلح للحاج أو المعتمر.

قال السدي: " ليس عليه إثم، ولكن له أجر ".

قال الشعبي: " كان على الصفا في الجاهلية صَنَم يسمى " إِسافٌ " ، وعلى المروة وثن يسمى " نَائِلَةٌ " ، فكانوا في الجاهلية إذا طافوا بالبيت مسحوا الوَثَنيْن. فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام امتنع المسلمون من الطواف بالصفا / والمروة لأجل الصنمين، فأنزل الله عز وجل { إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ } الآية.

وذُكر الصفا لأن الصنم / الذي كان عليه مذكر - يعني إسافاً - وأُنِثَ المروة لأن الوثن التي كانت عليه مؤنثة - يعني نائلة -.

السابقالتالي
2 3 4 5