الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } * { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } * { وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }

قوله: { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ } إلى قوله { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }.

أي واذكروا إذ قال له ربه أسلم، أي أخلص لي العبادة والطاعة.

{ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }: أي قال إبراهيم صلى الله عليه وسلم [و] على محمد مجيباً لربه عز وجل: خضعت بالطاعة وأخلصت العبادة لِمالِك جميع الخلق. ومدبرهم.

ويجوز أن يكون العامل في: { وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ } أي ولقد اخترناه في الدنيا إذ قال له ربه أسلم، قال أسلمت، وهذا كان منه حين قال:يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً } [الأنعام: 78-79].

قال الطبري: " وذلك في الوقت الذي قال له ربه فيه: أسلم، من بعد ما امتحنه بالكوكب والقمر والشمس ".

ثم قال تعالى: { وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ }.

أي: وأوصى بقوله: { أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } إبراهيم - صلى الله عليه وسلم [و] على محمد - بنيه، وأوصى بها يعقوب صلى الله عليه وسلم [و] على محمد [بنيه].

والهاء في " بها " تعود على كلمة الإسلام وهي قوله: { أَسْلَمْتُ }.

وقيل: تعود على الملة، وكلمة الإسلام أقرب إليها.

[وقيل: بل] أوصاهم باتباع الملة، فـ " يعقوب " على هذا معطوف على " إبراهيم ".

وقيل: إن يعقوب مرفوع بإضمار فعل. والتقدير " وقال يعقوب: يا بني إن الله ".

والمعنى في " أَوْصَى " عهد إليهم بذلك، وأمرهم به.

قال ابن عباس: " وصّاهم بالإسلام ".

وفي التشديد في " وصَّى " معنى تكرير الوصية.

وقوله: { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ }.

معناه: اختاره لكم. ودخلت الألف واللام في " الدين " لتقدم علمهم به وتكرير الوصية عليهم.

ثم قال: { فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ }.

أي: فاتقوا الله أن تموتوا إلا على الإسلام.

والمعنى: لا تفارقن هذا الدين أيام حياتكم لأن أحداً لا يدري متى تأتيه منيته، فلذلك قال لهم: لا تموتن إلا وأنتم مسلمون، لأنكم لا تدرون متى يأتيكم الموت، ولم ينههم عن الموت / لأن ذلك ليس إليهم.

وقيل: المعنى: الزموا الإسلام، فإذا أدرككم الموت صادفكم مسلمين.

وعرف المعنى كما عرف في قول العرب / " لا أَرَيَنَّكَ هَا هُنَا ". فالنهي في اللفظ للمتكلم، وفي المعنى للمتكلم أي: لا تكن ها هنا، فإنه من يكن ها هنا أراه.

قال الأخفش: " { بَنِيهِ } ، قطع، ثم يبتدئ: { وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ } ، أي: وقال يعقوب: يا بني ".

وقال أبو حاتم وغيره: " الوقف { وَيَعْقُوبُ } ، ثم يبتدئ { يَابَنِيَّ } ". أي: وقال كل واحد منهما: { يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ }.

ثم قال: " عز وجل { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ }.

السابقالتالي
2 3