الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

قوله: { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ }.

أي: من حكم آية، قرأ ابن عامر: ما نُنسِخْ - بضم النون الأولى وكسر السين، بمعنى: " ننسخك ".

قال أبو غانم: " يقال: نسخته وأنسخته مثل قبرته وأقبرته، [فقبرته دفنته، وأقبرته جعلت له] قبراً ".

قوله: { أَوْ نُنسِهَا }.

من ضم / النون الأولى وَكَسَر السين، فمعناه: نتركها لا نبدلها. وهو مروي عن ابن عباس على معنى: نأمرك بتركها.

ويلزم على هذا المعنى فتح النون ليصح معنى الترك إذ هو غير معروف في اللغة: أَنْسَيْتُ الشيء تركته، إنما يقال: " نسيت " ، كما قالنَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } [التوبة: 67]، أي: تركوه فتركهم. / وهذا إنما يصح على قراءة من قرأ " نَنْسِهَا " بالفتح.

والصواب في معنى: " نُنْسِها " بضم النون أن يكون من النسيان على معنى: " ننسكها " يا محمد فتذهب من حفظك ".

وعن ابن عباس أن في الآية: [تقديماً وتأخيراً]، والتقدير: ما نبدل من حكم آية نأت بخير منها أي بأنفع منها لكم أو مثلها.

ثم قال: { أَوْ نُنسِهَا } أي نؤخرها فلا ننسخها ولا نبدلها.

وقيل: معناه: نأمرك بتركها كأنه: " أو ننسكها " ، أي: نجعلك تتركها.

وقيل: معناه: ننسكها من النسيان أي: نزيل ذكرها من قلبك فلا تذكرها.

والفرق بين إباحة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم النسخ، وبين إباحته الترك، أن النسخ أن تنسخ آية / بآية أخرى كنسخ قوله:فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } [البقرة: 185] لقوله:وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } [البقرة: 184]. والترك هو ترك الآية من غير آية تنسخها كإباحة الله / للمؤمنين ترك امتحان من أتاهم بعد أن قال:فَٱمْتَحِنُوهُنَّ } [الممتحنة: 10].

فأما قراءة من قرأ " نَنْسَأَهَا " بالهمز، فمعناه أو نؤخرها فلا ننزلها البتة.

وقيل: معناه نؤخرها بعد إنزالها وتلاوتها فلا تتلى.

وقيل: معناه نؤخر العمل بها [وننسخه ويبقى لفظه متلواً غير معمول] به. ولكل واحد من هذه المعاني أمثلة في كتاب الله عز وجل قد بيناها في كتاب: " الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ".

فالنسخ يكون فيما نزل، والنَّسْءُ فيما لم ينزل فيؤخر. يقال: " نسَّأَ الله في أجلك وأَنسأَ " أي: أخر فيه.

وقيل: معنى هذا القول: ما ننسخ من آية من اللوح المحفوظ فننزلها على محمد صلى الله عليه وسلم " أو ننسأها " أي نؤخرها في اللوح فلا ننزلها، فالمنسوخ جميع القرآن، والمنسوء ما أخر، فلم ينزل هذا على هذا التأويل.

وفيها قول ثان: وهو أن يكون معناه: { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ } أي: نرفعها، " أو ننسأها ": أي نؤخرها فلا نرفعها.

السابقالتالي
2 3