الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } * { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } * { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } * { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } * { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } * { لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً }

قوله تعالى ذكره: { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً }.

إلى قوله: { عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً }.

المعنى: واتخذ هؤلاء المشركون من دون الله آلهة يعبدونها، لتكون لهم منعة من عذاب الله.

ومعنى " كلا " أي: ليس الأمر على ذلك، لا تمنعهم من عذاب الله.

ثم قال: { سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ }.

أي: ستجحد الآلهة يوم القيامة عبادتهم لها. وهو قوله تعالى:تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } [القصص: 63] فتبرؤها منهم هو جحدها لعبادتهم إياها.

ثم قال: { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً }.

قال ابن عباس: " ضداً ": أعوانا. يعين على عذابهم.

وقال مجاهد: عوناً عليهم، تخاصمهم وتكذبهم.

قال قتادة: " ضداً " قرناء في النار، يلعن بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من بعض.

وقال الضحاك: " ضداً " أعداء.

وقال ابن زيد: معناه: ويكونون عليهم بلاء.

وقيل: معناه أن آلهتهم التي عبدوها من دون الله [يوم القيامة] تلعنهم وتدعو عليهم، لأنهم عبدوا الملائكة، فهي تلعنهم وتتبرأ منهم.

وقيل: بل هي الأصنام يحييها الله تعالى [لهم] يوم القيامة لتوبخهم وتكذبهم.

" والضد " في كلام العرب " المخالف ". ووحد " ضد لأنه في معنى عوناً. وعون مصدر، فلذلك لم يجمع.

ثم قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً }.

أي: تزعجهم على المعاصي، وتقودهم إليها قياداً، وتغويهم بها.

وقال ابن عباس: تغويهم أغواء.

وقال ابن زيد: تشليهم إشلاء على المعاصي. ومنه أزيز القدر، وهو صوت غليانها. وهذا يؤكد تحقيق القدر.

ثم قال تعالى: { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } أي: فلا تعجل يا محمد، على هؤلاء الكافرين بطلب العذاب لهم والهلاك، إنما نعد أعمالهم وأنفاسهم لنجازيهم على جميعها ولم نترك تعجيل هلاكهم لخير نريده بهم، ولكن ليزدادوا إثماً.

قال ابن عباس: " إنما نعد لهم عداً " يعني نعد أنفاسهم في الدنيا كما نعد سنيهم وآجالهم.

ثم قال تعالى: / { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً }.

التقدير: إنما نعد أعمالهم لنجازيهم عليها يوم نحشر المتقين.

فالعامل في " يوم " ما دل عليه الكلام الأول وهو " نجازيهم " يوم كذا.

ومعنى الآية: يوم يجمع الله الذين اتقوا في الدنيا، وخافوا عقابه إلى جزاء الرحمن ووعده.

" وفداً " هو بمعنى جمع وافد، ونصبه على الحال، ووحد لأنه مصدر، " والوفد ": الركبان.

قال علي رضي الله عنه: اما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم، ولا يساقون سوقاً، ولكنهم يوتون بنوق، ولم تر الخلائق مثلها، عليها رحال الذهب، أزمتها الزبرجد، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة.

وقال أبو هريرة: " وفداً " على الإبل.

السابقالتالي
2 3