الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } * { وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } * { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } * { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } * { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً }

قوله تعالى ذكره: { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } إلى قوله: { أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً }. أي: وما كان ربك - رب السماوات والأرض وما بينهما - ذا نسيان، " فاعبده " أي: الزم طاعته.

{ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } أي: اصبر نفسك على العمل بطاعته.

{ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } أي: مثلاً وشبهاً في جوده وحلمه وكرمه وطوله. قاله ابن عباس وقتادة / ومجاهد وابن جبير.

وعن ابن عباس أن معناه: هل تعلم يا محمد أحداً يسمى الرحمن سواه.

وقيل: هل تعلم أحداً يقال له الله غيره.

وقيل المعنى: هل تعلم أحداً يقال له رب السماوات والأرض وما بينهما غيره.

وقيل: المعنى: هل تعلم أحداً يجوز أن يكون إلهاً معبوداً غيره.

ثم قال تعالى: { وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً }.

أي: ينكر الإنسان الكافر البعث، فيقول: أنبعث، إذا ما مت، إنكاراً منه للبعث.

فقال الله تعالى لنا: { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } أي: فكما خلقناه من غير شيء، وأوجدناه من عدم، كذلك نحييه بعد مماته. وهذا مثل قوله تعالى:وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ } [يس: 78] فكان الجوابقُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [يس: 79] والرؤية بمعنى العلم في هذا. أي: أولم يعلم الإنسان ذلك من حدوثه قبل أن لم يكن شيئاً. ولا يجوز أن تكون من رؤية البصر، لأن الإنسان لم ير نفسه وقت خلقه.

والوقف على " حياً " بعيد، لأن " أولاً " معطوف، دخل عليه ألف الاستفهام للتوبيخ.

وقيل: إن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة وأصحابه. ثم هي في كل من كان مثلهم من الكفار المنكرين للبعث. ودخلت اللام في " لسوف " للتأكيد جواباً لقول قيل للإنسان، كان النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إذا ما مت لسوف تبعث حياً). فقال إنكاراً للبعث، وجواباً لما قيل له: " أئذا ما مت لسوف أبعث " فأتى باللام في الجواب، كما كانت في القول ولو كان مبتدئاً بذلك لم تدخل اللام، لأن اللام للتأكيد والإيجاب، وهو منكر للبعث، فلا يصلح دخول اللام في غير منكر لخبره، فإنما دخلت في هذا لمجازاة ما قيل له. أدخل اللام في الجواب كما دخلت في القول الذي أجاب عنه.

ثم قال: { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ }.

أي: لنحشرن هؤلاء المنكرين للبعث مقرنين بأوليائهم من الشياطين.

{ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً }.

أي: على ركبهم، وهو جمع جاث. وأصله جثو، مثل: قاعد وقعود، ثم أبدل من الواو ياء لأنها ظرف على ما تقدم في " مرضياً ".

وقيل: " جثياً " قعوداً لا يقدرون على القيام لشدة هول ما يرون.

السابقالتالي
2