الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } * { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } * { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً }

قوله تعالى ذكره: { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً } إلى قوله { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً }.

أي: لا يسمعون في الجنة لغواً وهو الهدر والباطل من القول.

{ إِلاَّ سَلاَماً } أي: تحييهم الملائكة من كل باب بالسلام.

وقوله: " إلا سلاماً " استثناء ليس من الأول.

وقيل: هو بدل من لغو.

ثم قال تعالى: { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً }. أي: لهم ما يشتهون من المطاعم، قدر وقت البكرة ووقت العشي من نهار الدنيا. إذ لا ليل في الجنة ولا نهار.

قال مجاهد: ليس " بكرة " ولا " عشي " ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا.

خاطبهم الله بأعظم ما كان في أنفسهم من العيش.

وكانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء عجب به فأخبرهم الله أن لهم في الجنة ذلك الذي يعجبهم.

وقال زهير بن محمد: " ليس في الجنة ليل. هم في نور أبداً ولهم مقدار الليل والنهار. يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب. ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب ".

وقيل: معنى الآية: { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً }. مقدار ما يكفيهم لكل ساعة ولكل وقت يريدون فيه الأكل.

ثم قال تعالى: { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً }.

أي: الجنة التي وصفت، هي التي تورث مساكن أهل النار فيها. " من مكان تقياً " أي من اتقى عقاب الله، فأدى فرائضه واجتنب محارمه.

قال إبراهيم بن عرفة: وعد الله بالجنة كل من اتقى، وأرجو أن يكون كل موحد من أهل التقية - إن شاء الله - ولن يهلك مؤمن بين توحيد الله، وشفاعة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وقيل: " التقي ": الذي قد أكثر من اتقاء معاصي الله ومحارمه.

ثم قال تعالى: { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ }.

هذه الآية نزلت لما استبطأ النبي صلى الله عليه وسلم الوحي.

قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام: " ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا، فنزلت { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } ".

وعن ابن عباس أيضاً أنه قال: احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي فيما سأله المشركون عنه من خبر الفتية وخبر الطواف، وعن الروح، وقد كان قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم سأخبركم غداً، ولم يستثن. فأبطأ عنه الوحي أربعين يوماً. ثم نزل جبريل عليه السلام:وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } [الكهف: 23-24]، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، وحزن فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا رسول الله { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } الآية.

السابقالتالي
2