الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ ٱلْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } * { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِٱلصَّـلاَةِ وَٱلزَّكَـاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً } * { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً } * { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً }

قوله تعالى ذكره: { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ } إلى قوله: { سُجَّداً وَبُكِيّاً }.

المعنى: واقصص عليهم يا محمد، نبأ إسماعيل، إنه كان صادق الوعد، أي: لا يخلف وعده.

قال ابن جريج: لم يعد ربه عدة إلا أنجزها.

وقيل: إن هذا مما يدل على أنه هو الذبيح، لأنه وعد من نفسه الصبر على الذبح، فصبر حتى فداه الله.

قال سهل بن عقيل: وعد إسماعيل رجلاً مكانه أن يأتيه، فجاءه إسماعيل، ونسي الرجل، وظن أنه قد اشتغل، فبات إسماعيل في المكان حتى جاء الرجل من الغد. فقال له الرجل: ما برحت من ها هنا؟ فقال إسماعيل: لا والله. فقال الرجل: إني نسيت. فقال إسماعيل إني لم أكن لأبرح حتى تأتينَي، فذلك قوله " كان صادق الوعد ".

وروي أن إبليس اللعين تمثّل له، فوقع بينهما موعد ألا يبرح إسماعيل حتى يعود إليه. فكان في اعتقاد إسماعيل أن ينتظر سنة فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم فأعلمه أنه إبليس، فذهب وأرسله الله إلى جرهم.

وقوله: { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِٱلصَّـلاَةِ وَٱلزَّكَـاةِ }.

يعني أمته كلها، ذات نسب وغير ذات نسب.

{ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً } /.

أي: محموداً فيما كلفه، غير مقصر. و " مرضي " مفعول، والأصل فيه عند سيبويه. " مرضو ". ولكن أبدلوا من الواو ياء لأنها أخف، ولأنها واو قبلها ضمة، وليس ذلك في كلامهم فأبدل ولم يعتد بالساكن الذي قبل الواو المضمومة. ومثله قولهم مسنية، أصلها مسنوة.

وقال الكسائي والفراء: من قال " مرضى " بناه على رضيت وقالا وأهل الحجاز يقولون " مرضو ". وحكيا أنَّ من العرب من يُثني رضاً على رضوان، ورضيان، وربوان، وربيان.

فمرضي على رضيان. ومرضو على رضوان.

ولا يعرف البصريون في التثنية إلا رضوان بالواو. وربوان بالواو.

ثم قال تعالى: { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً }.

أي: واقصص نبأ إدريس، إنه كان لا يقول إلا الحق فيما يوحى إليه، وفي غيره " نبيئاً " تنبأه الله.

كان إدريس خياطاً، وكان كلما وخز وخزة بالإبرة سبّح الله، وهو أول من خاط الثياب، وبينه وبين آدم خمسة آباء.

ثم قال: { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } قال كعب: أوحى الله إليه أني أرفع لك كل يوم مثل عمل بني آدم، فأحب أن يزداد عملاً فأتاه خليل له من الملائكة، فقال: إن الله أوحى إليّ كذا وكذا، فكلم لي ملك الموت فليؤخرني حتى أزداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلّمه فيه إدريس فقال: وأين إدريس؟ فقال هو ذا على ظهري.

السابقالتالي
2 3