الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } * { قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } * { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً } * { فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً } * { وَوَهَبْنَا لَهْم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } * { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } * { وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } * { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَآ أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً }

قوله تعالى ذكره: قال { أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَاهِيمُ } إلى قوله { أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً }. أي: قال أبوه له حين دعاه إلى الإيمان وترك عبادة الشيطان، أراغب أنت عن عبادة آلهتي يا إبراهيم. { لَئِن لَّمْ تَنتَهِ } عن ذكر آلهتي بالسوء ورغبتك عن عبادتها لأرجمنك " أي: لأسبنك، قاله قتادة والسدي وابن جريح.

وقيل معناه: لأقتلنك.

وقيل معناه: لأرجمنك بالحجارة.

ثم قال: { وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } أي: واهجرني يا إبراهيم حيناً طويلاً. قاله: مجاهد والحسن وعكرمة. فـ " ملياً " ظرف.

وقال ابن عباس: معناه: واهجرني سالماً من عقوبتي إياك، وقاله: قتادة والضحاك.

فـ " ملياً " على هذا نصب على الحال من إبراهيم، واختار الطبري هذا القول، واختار النحاس القول الأول.

و " أراغب " رفع بالابتداء، و " أنت " فاعل سد مسد الخبر، ويجوز أن يكون " أنت " مبتدأ، و " أراغب " خبره مقدم عليه، وحسن رفع " أراغب " بالابتداء لاعتماد على ألف الاستفهام الذي معناه التقرير.

ثم قال تعالى: { قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ }. أي: قال إبراهيم لأبيه حين توعده، وامتنع من الإيمان بما جاء به: سلام عليك " أي: أمنة مني لك أن أعاودك فيما كرهت، ولكن سأستغفر لك ربي أي: أسأل لك ربي أن يستر عليك ذنوبك { إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } أي: إن ربي عهدته / بي لطيفاً، يجيب دعائي إذا دعوته.

قال ابن عباس وابن زيد: " حفيّاً " لطيفاً يقال حفي به إذا بره ولطف به.

قال السدي: { سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ } أخره إلى السحر.

{ يٰإِبْرَاهِيمُ } تمام عند نافع. وإن شئت ابتدأت يا إبراهيم.

و " سلام عليك " تمام عند أبي حاتم. و " لك ربي " عند غيره التمام.

ثم قال تعالى: { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ }. أي: وأجتنبكم وعبادة ما تدعون [من دون الله] من أوثانكم وأصنامكم. و { وَأَدْعُواْ رَبِّي } بإخلاص العبادة له { عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً } أي: عسى أن لا أشقى بدعاء ربي.

ثم قال تعالى: { فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ }. أي: فحين اعتزل إبراهيم قومه وعباده ما يعبدون من دون الله. { وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } أي: آنسنا وحشته لما فارق قومه، فوهبنا له إسحاق، وابنه يعقوب.

{ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً }.

أي: وإبراهيم وإسحاق ويعقوب، جعلناهم أنبياء.

روي أنه خرج عنهم إلى ناحية الشام بإذن الله له.

ثم قال: { وَوَهَبْنَا لَهْم مِّن رَّحْمَتِنَا }.

أي: ووهبنا لجميعهم من رحمتنا. وهو ما بسط لهم من الرزق في الدنيا.

{ وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } أي: ورزقناهم الثناء الحسن والذكر الجميل من الناس إلى قيام الساعة.

السابقالتالي
2