الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً } * { ذٰلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ } * { مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } * { وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }

قوله تعالى ذكره: { وَٱلسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ } إلى قوله: { صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }.

معناه: أن عيسى عليه السلام سلّم على نفسه في هذه الأوقات وهي أشد ما يمر على الإنسان في حياته وبعد موته. أي: الأمن علي من الشيطان أن يصيبني في حين ولادتي بسوء، ويوم أموت من هول المطلع، ويوم أبعث يوم القيامة من الفزع.

فأخبرهم أنه سيموت، وأنه يبعث حياً.

ذكر عبيد بن عمير وغيره أن عيسى صلى الله عليه وسلم كان يأكل من الشجر ويلبس من الشعر، ويأكل ما وجد، ولا يسأل عما فقد، ولا يخبئ طعام اليوم لغد، وليس له ولد يموت، ولا بيت يخرب، يبيت حيث يدركه الليل.

ثم قال تعالى: { ذٰلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ ٱلْحَقِّ }. أي: هذا الذي وصفت لكم صفته، وأخبرتكم خبره هو عيسى ابن مريم.

ثم قال: { قَوْلَ ٱلْحَقِّ } من رفع القول. فعلى خبر الابتداء. أي هذا الكلام الذي قصصته عليكم قول الحق. أي قول الله، فـ { ٱلْحَقِّ } هو الله. أي هو كلامه لا كلام غيره من اليهود والنصارى فيما ادعوا في عيسى من الكذب والبهتان /.

ومن نصبه، فعلى المصدر. أي: أقول قول الحق، لا قول اليهود، الذين زعموا أن عيسى عليه السلام كان ساحراً كذاباً. ولا قول النصارى، أنه ولد الله تعالى وجلّ وعزّ عن ذلك.

قال مجاهد: { قَوْلَ ٱلْحَقِّ }. الحق: الله.

أي: قول الله هو الحق. فمن رفع القول حسن أن يقف على مريم، ثم يبتدئ " قول الحق " أي هذا قول الله.

ومن نصب، لم يحسن الوقف على مريم، لأن ما قبله قد قام مقام الفعل الناصب لـ: " قول ". وقد أجازه أبو حاتم على إضمار ناصب لقول الحق، كأنه ابتدأ: أقول قول الحق.

وقوله: { ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ } أي: يشكون ويختصمون من المراء وهو الخصام والجدال.

قال قتادة: امترت فيه اليهود، فقالوا: ساحر كذاب، وامترت فيه النصارى، فزعموا أنه ابن الله. وذلك أن بني إسرائيل اجتمعوا فأخرجوا منهم أربعة نفر. أخرج كل قوم عالمهم، فامتروا في عيسى حين رفع، فقال أحدهم: هو الله هبط إلى الأرض، فأحيا من أحيا، وأمات من أمات، ثم صعد إلى السماء، وهم اليعقوبية فقال له الثلاثة: كذبت، ثم قال اثنان منهم للثالث: قل أنت فيه. قال: فقال: هو ابن الله وهم النسطورية. فقال له الاثنان: كذبت. ثم قال أحد الاثنين للآخر: قل فيه. فقال هو ثالث ثلاثة. الله إله، وهو إله، وأمه إله. وهم الاسرائيلية ملوك النصارى. قال له الرابع: كذبت. هو عبد الله ورسوله وكلمته وروحه، وهم المسلمون. فكان لكل واحد منهم أتباع على ما قال.

السابقالتالي
2 3