الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُواْ يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } * { يٰأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } * { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً } * { قَالَ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً } * { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً } * { وَبَرّاً بِوَٰلِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً }

قوله تعالى ذكره: { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ }.

إلى قوله: { جَبَّاراً شَقِيّاً }.

المعنى: أن عيسى عليه السلام لما قال لها ذلك: اطمأنت وسلمت لأمر الله وحملته حتى أتت به قومها.

قال السدي: " لما ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل أن مريم قد ولدت، فأقبلوا يشتدون، فدعوها، فأتت به قومها تحمله ". قالوا: { يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً }. أي: جئت بأمر عجيب وعظيم لم يسبق مثلك إلى مثله.

روي أنها خرجت من عندهم ضحى، وجاءت عند الظهر ومعها صبي تحمله فكان الحمل والولادة في ثلاث ساعات من النهار ". وكانت مريم قد حاضت قبل ذلك حيضتين لا غير.

ثم قالوا لها: { يٰأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ }. أي يا أخت هارون في الصلاح والعبادة.

قال قتادة: كان رجلاً صالحاً في بني إسرائيل، يسمى هارون، فشبهوها به. قال: وذكر لنا أنه شيع جنازته يوم مات أربعون ألفاً كلهم يسمى هارون من بني إسرائيل سوى من ليس اسمه هارون.

وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: هو هارون أخو موسى. فقال لها كعب: يا أم المؤمنين، إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو أعلم، وإلا فإني أجد بينهما ست مائة سنة، فسكتت.

وقيل: أريد بهارون هنا أخو موسى نسبت مريم إليه لأنها من ولده كما يقال للتميمي يا أخا تميم.

قال ابن جبير: كان هارون منهم رجلاً فاسقاً، فنسبوها إليه، وقد غلط بعض المؤلفين في هذا فقال: كان لها أخ صالح يسمى بهارون.

وما علمت أحداً من المفسرين وأهل التاريخ قال هذا.

" وقال المغيرة بن شعبة: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران فقالوا: ألستم تقرأون يا أخت هارون؟ قلت: بلى، قالوا: وقد علمتم ما كان بين موسى وعيسى؟ قال: فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فأخبرته، فقال: ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم ".

فهذا يدل على أن هارون المذكور في الآية كان رجلاً صالحاً وكانوا يسمون أولادهم بهارون لمحبتهم في ذلك الصالح الذي كان اسمه هارون.

وقوله: { مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ }.

أي: ما كان أبوك رجل سوء فيأتي الفواحش.

{ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً }. أي زانية.

{ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ }. أي: لما قالوا لها ذلك أشارت لهم إلى عيسى أن كلّموه.

{ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً }. قال قتادة: " المهد " هنا حجر أمه.

و " كان " هنا، زائدة. و " صبياً " نصب على الحال، والعامل فيه الاستقرار. والمعنى: كيف نكلم من في المهد صبياً لا يفهم مثله، ولا ينطق لسانه بكلام.

السابقالتالي
2