الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } * { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً } * { يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } * { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً } * { وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً } * { وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً }

قوله تعالى ذكره: { قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ }. إلى قوله: { وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً }.

أي: اجعل لي علامة على وقت الهبة، ودليلاً على أن ما بشرتني به ملائكتك من هذا الغلام عن أمرك ورسالتك، ومتى يكون.

قال ابن زيد: " اجعل لي آية أن هذا منك " ، وكذا قال السدي.

{ قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً }.

أي: علامة ذلك وصحته أنك لا تكلم الناس ثلاث ليال، بلا علة بك من خرس ولا مرض يمنعك الكلام.

قال ابن عباس: " اعتقل لسانه من غير مرض ".

وقال مجاهد: " سوياً ": صحيحاً لا يمنعك من الكلام مرض ".

وقال قتادة: " سوياً ": من غير خرس ولا بأس، إنما عوقب إذ سأل آية بعد مشافهته الملائكة بذلك، أخذ لسانه حتى كان يوميء إيماءً ".

قال ابن زيد: " حبس لسانه فكان لا يستطيع أن يكلم أحداً، وهو في ذلك يسبح ويقرأ التوراة، فإذا أراد كلام الناس، لم يستطع [أن] يكلمهم. وكذلك قال السدي. وقيل: المعنى، ثلاث ليال متتابعات.

فسوياً من نعت الليالي. وعلى القول الأول يكون " سوياً " حالاً من المخاطب. والتقدير فيه التقديم. أي: آيتك ألا تكلم الناس سوياً ثلاث ليال.

ثم قال تعالى: { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ }. أي: فخرج زكريا على قومه من مصلاه الذي جلس فيه حين حبس لسانه عن كلام الناس.

وقال ابن جريج: معناه، أشرف على قومه من المحراب والمحراب عند أهل اللغة، مكان مرتفع.

وقوله: { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً }.

أي: أوحى إليهم، قاله قتادة وقال الضحاك: " كتب لهم.

وقال مجاهد ووهب بن منبه: " أشار إليهم أن سبحوا بكرة وعشياً " ، أي: صلوا بكرة وعشياً. والصلاة تسمى سبحة.

وقيل: " أمرهم بالتسبيح بذكر الله طرفي النهار ". وهذا يدل على أن الإشارة ليست بكلام.

يقال: أوحى ووحى. وأومى وومى.

ثم قال: { يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ }.

والتقدير: قوله له يحيى، فقال الله تعالى له: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة " أي بجد وعزم. قاله قتادة ومجاهد.

وقال ابن زيد: " القوة: أن يعمل ما أمره الله ويجتنب ما نهاه عنه ".

ثم قال: { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً }.

أي: أعطيناه الفهم لكتاب الله في حال صباه.

قال معمر: " بلغني أن الصبيان قالوا ليحيى: اذهب بنا نلعب، فقال أللعب خُلقت؟ فأنزل الله تعالى: { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً }.

قال قتادة: " كان ابن سنتين أو ثلاث ".

قال مالك: " بلغني أن يحيى بن زكريا، إنما قتل في امرأة، وأن بخت نصر لما دخل بيت المقدس بعد زمان طويل وجد دمه يفور لا يطرح عليه تراب ولا شيء إلا فار وعلا عليه، فلما رآه دعا بني إسرائيل فسألهم فقالوا لا علم لنا / هكذا وجدناه، وأخبرنا به آباؤنا عن آبائهم أنهم هكذا وجدوه.

السابقالتالي
2 3