الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ قَالَ ٱنفُخُواْ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } * { فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً } * { قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّآءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً } * { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً }

قال: { آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ }.

أي: أعطوني القطع العظام من الحديد فأعطوه ذلك. وفي الكلام حذف وهو: فاتوه زبر الحديد فجعلها بين الصدفين وهما ناحيتا الجبل. والصِّدف والصَّدف الصُّدف الجبل.

قال: ابن عباس { بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ } الجبلين. وقال: مجاهد { بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ } رأس الجبلين.

وقال: الضحاك { بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ } بين الجبلين وهما من قبيل أرمينية وأذربيجان وهو قول ابن عباس أيضاً.

قوله: { حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً }.

أي: نفخ على قطع الحديد حتى صارت كالنار. ثم أذاب الصُّفر فأفرغه على القطع. والقطر النحاس عند أكثر المفسرين. وقال: أبو عبيدة: { أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } حديداً دائباً. وقيل: هو الرصاص.

ثم قال: { فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ }.

أي: ما قدر يأجوج ومأجوج أن يعلوا الردم الذي جعله ذو القرنين حاجزاً بينهم { وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً } وما قدروا أن ينقبوا أسفله.

ثم قال ذو القرنين لما رأى الردم لا يقدر عليه من فوقه ولا من أسفله: هذا الفعل { رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي } رحم بها من دون الردم من الناس { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي } أي الوقت

الذي وعده فيه أن يأجوج يخرجون { جَعَلَهُ دَكَّآءَ } أي سواه بالأرض.

من نونه جعله على معنى مدكوكاً. ومن مده جعله بقعة دكاء وأرضاً دكاء، من قولهم: ناقة دكاء، مستوية الظهر لا سنام لها.

وقيل المعنى: فإذا جاء يوم القيامة جعله دكاً ودل على هذا قولهوَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } [الحاقة: 14].

وقوله: { جَعَلَهُ } الهاء تعود على ما بين الجبلين وخروج يأجوج ومأجوج بعد نزول عيسى وبعد ظهور الدجال. يدل على ذلك أن ابن مسعود قال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم " لقيت ليلة الأسراء ابراهيم وموسى وعيسى صلى الله عليهم فتذاكروا أمر الساعة وردوا الأمر إلى ابراهيم فقال: ابراهيم: لا علم لي بها، فردوا الأمر إلى موسى: فقال: موسى: لا علم لي بها، فردوا الأمر إلى عيسى فقال: عيسى: أما قيام الساعة فلا يعلمه أحد، إلا الله تعالى، ولكن ربي قد عهد إلى ما هو كائن دون مجيئها. عهد إلى ان الدجال خارج وانه سيهبطني إليه. فإذا رآني أهلكه الله فيذوب كما يذوب الرصاص. حتى أن الحجر والشجر لتقول يا مسلم هذا كافر فاقتله. فيهلكهم الله ويرجع الناس إلى بلادهم واوطانه. فيستقبلهم يأجوج ومأجوج من كل حدب ينسلون لا يأتون على شيء إلاّ / أهلكوه. ولا يمرون على ماء إلا شربوه، فيرجع الناس إلي، فادعوا الله عليهم. فيميتهم ويتغير الأرض من نتن ريحهم فينزل المطر فيجر أجسامهم فيلقيهم في البحر ثم تنسف الجبال حتى تكون الأرض كالأديم. فعهد إلي ربي أن ذلك، إذا كان كذلك، فإن الساعة منه كالحامل المتمم. والتي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلاً أو نهاراً ".


السابقالتالي
2