الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } * { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } * { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } * { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً }

قوله: { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ } إلى قوله: { كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً }.

أي: فلعلك يا محمد قاتل نفسك على آثار قومك الذين قالوا:لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } [الإسراء: 90] تمرداً منهم على ربهم { إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } أي: بهذا الكتاب { أَسَفاً } وقال: قتادة: " أسفاً " غضباً وقال: مجاهد: " حزناً ".

فهذا عتاب للنبي صلى الله عليه وسلم من الله [عز وجل] على حزنه على قومه إذ لم يؤمنوا. فمعنى أسفاً حزناً. وقيل معناه: جزعاً، قاله مجاهد. وقال: قتادة: معناه غضباً، ومنه قوله:فَلَمَّآ آسَفُونَا } [الزخرف: 55].

ثم قال: { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا }.

يعني: من الشجر والثمر والمال زين الأرض بذلك.

{ لِنَبْلُوَهُمْ }.

أي: لنختبرهم من هو أحسن عملاً من غيره. قال سفيان الثوري: أيكم أزهد في الدنيا. وقال مجاهد: ما على الأرض من شيء هو زينة لها. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ".

وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: " الزينة ": الخلفاء، والعلماء، والأمراء. وروى ابن جبير عنه أنه قال: " الزينة ": الرجال. جعل " ما " بمعنى /: من في القولين جميعاً، وكون " ما " بمعنى: " من " يصلح في مواضع الإبهام ويقبح عند الاختصاص وذهاب العموم.

وقيل المعنى: إنا جعلنا بعض ما على الأرض زينة لها، فأوقع الكل موضع البعض، لأن على الأرض ما لا زينة فيه. وقيل: بل هو عام. كل ما على الأرض زينة لها لدلالته على خالقه.

ثم قال: { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً }.

أي: وإنا لمخربوها بعد زينتها وعمارتها. يعني بذلك يوم القيامة، تصير الأرض مستوية لا جبل فيها ولا واد ولا أكمة ولا ماء ولا نبات. والصعيد وجه الأرض. والجرز الذي لا نبات فيه من الأرض ولا زرع ولا غرس.

وقيل: الصعيد هنا المستوي بوجه الأرض، قال ابن عباس معناه: أنه يهلك كل شيء عليها ويبيد. وهذه تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم يقول له تعالى ذكره: لا تقتل نفسك إذ لم يؤمنوا بما جئتهم به فإن مصيرهم إلي فأجازيهم بأعمالهم. فإني مهلك كل من على وجه الأرض.

قال: ابن زيد: الصعيد: المستوي، دل على ذلك قوله:لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } [طه: 107]. والجرز: الأرض التي لا نبات فيها ولا منفعة، ألم تر إلى قوله:أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ [ٱلْجُرُزِ] } [السجدة: 27] أي الأرض التي لا نبات فيها.

السابقالتالي
2