الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } * { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } * { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } * { فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً }

قوله: { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَآءَنَا } إلى قوله: { مِن لَّدُنَّا عِلْماً }.

أي: فلما جاوزا مجمع البحرين، قال: موسى لفتاه: آتنا غذاءنا، { لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً }. أي: تعباً. وذلك أن موسى [صلى الله عليه وسلم] لما جاوز الصخرة التي عندها يطلب الخضر وذهب الحوت عندها ألقى الله [عز وجل] عليه الجوع ليذكر الحوت ليرجع [فليذهب] إلى مطلبه.

قال له فتاه وهو يوشع بن نون ابن أخت موسى من سبط يوسف بن يعقوب [صلى الله عليه وسلم]: { أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } ، أي اتخذ طريقاً يسيرة. قال: موسى " عجباً " أي أعجب عجباً.

وقيل هو من قول يوشع كله. أي اتخذ الحوت طريقه في البحر عجباً. فيكون عجباً مفعولاً ثانياً لاتخذ. ويجوز أن يكون مصدراً عمل فيه فعل دل عليه الكلام.

وقيل المعنى: واتخذ موسى سبيل الموت في البحر عجباً. قال: ابن أبي نجيح عجباً لموسى [صلى الله عليه وسلم] لهى هو أي عجب موسى من أثر الحوت في البحر. وكذلك قال: قتادة.

قال: ابن زيد: عجباً والله من حوت أكل منه دهراً ثم صار حياً حتى أثر بسيره في الماء طريقاً. قال: ابن عباس: عجب موسى من أثر الحوت إذ صار صخرة كلما مس.

فمن جعل العجب من موسى، وقوله { وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ } من قول يوشع، وقف على البحر. ومن جعله كله من قول يوشع أو جعل الاتخاذ لموسى [صلى الله عليه وسلم] لم يقف على البحر.

ثم قال: تعالى: { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ }.

أي قال: موسى لفتاه { ذَلِكَ مَا / كُنَّا نَبْغِ }.

أي نسيانك للحوت هو الذي كنا نطلب. لأن موسى عليه السلام وعد أن يلقى الخضر في الوضع الذي نسي فيه الحوت.

{ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً }.

أي: رجعا على طريقهما [الذي] أتيا فيه يطلبان الموضع الذي انسرب فيه الحوت. والقصص الاتباع. أي يقصان الأثر قصصاً حتى انتهيا إلى أثر الحوت { فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا } أي وجدا خضراً.

وكان سبب سفر موسى لطلب الخضر فيما روى جماعة من المفسرين أنه سئل هل في الأرض أعلم منك؟ فقال: لا [و] حدثته نفسه بذلك. فكره له ذلك فأراد الله [عز وجل] أن يعرفه أن من عباده في الأرض من هو أعلم منه.

وقيل: إن موسى [صلى الله عليه وسلم] ركب البحر فأعجبه علمه، فقال: في نفسه: ما أجد في زماني أعلم مني. فرفع عصفور في منقاره نقطة من ماء البحر فأوحى الله [عز وجل] إليه ما علمك عند علم عبد من عابدي إلا كما حمل هذا العصفور من ماء هذا البحر في منقاره.

السابقالتالي
2 3