قوله: { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } إلى قوله: { مِنْ هَـٰذَا رَشَداً }. أي: كما بعثناهم بعد طول رقدتهم { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي: أطلعنا عليهم الفريق الذين كانوا في شك من بعث الأجساد [ليعلموا أن وعد الله حق في بعث الأجساد] يوم القيامة وأن الساعة لا ريب فيها أي: إتيانها لا شك فيه. ثم قال: { إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ }. أي: أطلعنا عليهم إذ يتنازعون، أي: وقت المنازعة في بعث الأجساد. والمنازعة المناظرة. وقيل: المعنى: ليعلموا في وقت منازعتهم أن وعد الله في بعث الأجساد حق فيكون العامل في " إذ " على القول الأول " أعثرنا " وعلى الثاني " ليعلموا ". ثم قال: { [فَقَالُواْ] ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً }. أي قال الذين اطلعوا على أمرهم: ابنوا عليهم بنيانا { رَّبُّهُمْ [أَعْلَمُ بِهِمْ] } أي: [الله] أعلم بشأنهم قال ذلك: الكافرون. { قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } قال ذلك: المسلمون. قال: عبيد بن عمير عمى الله [عز وجل] على الذين أعثرهم / على أصحاب الكهف مكانهم فلم يهتدوا، فقال المشركون: نبني عليهم بنياناً فإنهم أبناء آبائنا، ونعبد الله فيها. وقال المسلمون: نحن أحق بهم، فإنهم منا، نبني عليهم مسجداً نصلي فيه، ونعبد الله عز وجل فيه. وقال قتادة: { ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ } الولاة. وقد روى ابن وهب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليحجن عيسى ابن مريم عليه السلام في سبعين. منهم أصحاب الكهف مسورين مخلخلين بالفضة ". ثم قال: { سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ }. [أي: سيقول بعض الخائضين في أمر الفتية هم ثلاثة رابعهم كلبهم] ويقول بعضهم: خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب، أي: قذفاً بالظن. ويقول بعضهم: هم سبعة وثامنهم كلبهم. قل [يا محمد للقائلين ذلك] ربي أعلم بعدتهم ما يعلم عددهم إلا ناس قليل من خلقه، قاله قتادة. وقال ابن عباس: عني بالقليل هنا أهل الكتاب. وكان يقول: أنا ممن استثنى الله [عز وجل]. وروي عنه أنه قال: أنا من ذلك القليل. ويقول: عددهم سبعة، وكذلك قال: عكرمة وابن جريج هم سبعة وثامنهم كلبهم. ثم قال تعالى: { فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً }. أي: [لا] تجادل في عدد أصحاب الكهف يا محمد أحداً من اليهود { إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً } أي: بما أنزل عليك من القرآن تتلوهم عليهم لا غير. وقال ابن عباس: يقول حسبك ما قصصت عليك في أمرهم فلا تمار فيهم. قال مجاهد: { إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً } إلا ما قد أظهرنا لك من أمرهم. وقال ابن زيد: معناه: أن نقول لهم: ليس كما تقولون، ليس كما تدعون. ثم قال: { وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً }. أي لا تستفت في أهل الكهف أحداً من أهل الكتاب فإنهم لا يعلمون ذلك.