الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } * { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً }

قوله: { وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ } إلى قوله: { إِذاً أَبَداً }.

أي فكما أرقدناهم على هذه الصفة، كذلك بعثناهم من رقدتهم { لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ } أي: ليسأل بعضهم بعضاً و [نعرفهم] عظيم قدرتنا فيهم فيزدادوا بصيرة في أمرهم وفي إيمانهم إذ لبثوا مدة عظيمة من الزمان وهم في هيئهم لم يتغيروا ولا تغيرت ثيابهم.

ثم قال: { قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ }.

أي: بعثناهم ليتساءلوا. فتساءلوا فقال: قائل منهم. كم لبثتم؟ وذلك أنهم استنكروا من أنفسهم طول رقدتهم. { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ }.

وهذا يدل على أن الرعب منهم لمن رآهم لم يكن لطول شعورهم وأظفارهم، إذ لو كان كذلك لعاينوا من أنفسهم أمراً يمنعهم أن يقولوا لبثنا يوماً أو بعض يوم. فقال الآخرون: { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } ويجوز أن يكون لما رأوا من طول شعورهم وأظفارهم ما أنكروا { قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } ردوا العلم إلى الله في ذلك [سبحانه].

قال ابن جبير: قال أحدهم: لبثنا يوماً، وقال الآخر: لبثنا نحوه، فقال كبيرهم: لا تختلفوا، فإن الاختلاف هلكة { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ } يعنون مدينتهم التي خرجوا منها.

قال: ابن عباس: كانت ورقهم كأخفاف الرُّبع، وهو صغار الإبل، وقال: إنهم قاموا من رقدتهم جياعاً فلبثوا في طلب الطعام.

ومعنى: { أَزْكَىٰ طَعَاماً } عند عكرمة أكثر، وهو قول أبي عبيدة. وقال: ابن جبير: أحل ذبيحة، لأن القوم كانوا مجوساً. وعن ابن عباس { أَزْكَىٰ طَعَاماً } أطهر طعاماً. وقال: مقاتل: أزكى طعاماً " أطيب طعاماً. وقال: قتادة خير طعاماً وقيل: أرخص. وعن ابن عباس: ازكى طعاماً " أطهره لأنهم كانوا يذبحون الخنازير.

{ فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ } أي: بطعام { وَلْيَتَلَطَّفْ } أي: يرفق { وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } أي: لا يعلمن بكم أحداً من الناس. { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } أي: إن أهل قريتكم الكفار أن يطلعوا عليكم { يَرْجُمُوكُمْ } أي: يقتلوكم { أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } أي: يردوكم عن دينكم [إلى دينهم] { وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً } أي: لن تفلحوا أن رجعتم إلى دينهم وعبادة أوثانهم [أبداً].

قال وهب بن منبه: غبروا بعدما بني عليهم باب الكهف زماناً بعد زمان. ثم إن راعياً أدركه المطر عند الكهف فقال: لو فتحت هذا الكهف، وأدخلت غنمي من المطر. فلم يزل يعالجه حتى فتح ما دخل منه. ورد الله إليهم أرواحهم في أجسادهم من الغد حين أصبحوا، فبعثوا أحدهم بورق يشتري لهم طعاماً، فلما أتى باب مدينتهم رأى شيئاً ينكره. حتى دخل [على رجل] فقال: يعني بهذه الدراهم طعاماً. فقال: من أين [لك] هذه الدراهم؟ قال: خرجت أنا وأصحاب لي أمس وأتى الليل ثم أصبحوا فأرسلوني.

السابقالتالي
2