الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } * { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً } * { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } * { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً }

قوله: { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } إلى قوله: { إِذاً شَطَطاً }.

المعنى: وضربنا على آذانهم بالنوم، أي ألقينا النوم عليهم. وإنما ذكر الأذان لأن النوم يمنعهم من السماع. وأتى في هذا ضرب بمعنى ألقى. كما يقال: ضربك الله بالفالج، أي: ألقاه عليك وابتلاك.

وقوله: { عَدَداً } توكيد لسنين وقيل: أتى بأنه لا يفيد معنى الكثرة. لأن القليل لا يحتاج إلى عدد إذ قد عرف معناه ومقداره.

ثم قال: { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ } أي: نبهناهم من نومهم { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً } أي: لنعلم من يهتدي من عبادي بالبحث إلى مقدار مبلغ مكث الفتية في كهفهم والأمد الغاية.

وقد اختلف في مقدار إقامتهم طائفتان من الكفار من قوم الفتية، قاله مجاهد: وقيل: بل اختلف في ذلك طائفة مؤمنة وطائفة كافرة. وقيل: الحزبان أصحاب الكهف والقوم الذين كانوا أحياء في وقت بعثهم.

ومعنى: { لِنَعْلَمَ } أي: علم مشاهدة، وإلا فقد علم ذلك تعالى ذكره قبل خلق الجميع، ومعنى الكلام التوقف على النظر في معرفة مقدار لبثهم. كما تقول لمن أتى بالباطل: جئ ببرهانك حتى أعلم أنك صادق.

ومعنى: { أَمَداً } عدداً، قاله مجاهد، وقال: ابن عباس { أَمَداً }: بعيداً.

ثم قال: تعالى: { نَحْنُ نَقُصُّ [عَلَيْكَ] نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ } أي: نخبرك يا محمد خبرهم بالصدق واليقين.

{ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ }.

أي: إن الذين سألوك عن نبأهم [هم] فتية آمنوا بربهم، أي: صدقوا به ووحدوه.

{ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى }.

أي: إيماناً إلى إيمانهم وبصيرة، فهجروا دار قومهم وهربوا بدينهم إلى الله [عز وجل] وفارقوا ما كانوا فيه من النعيم في الله [تعالى].

ثم قال: تعالى: { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ }.

أي: ألهمناهم الصبر وشددنا قلوبهم بنور الإيمان حتى [عزفت] أنفسهم عما كانوا فيه من خفض العيش.

وقال: قتادة: { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } بالإيمان حين { قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: ملك السماوات [والأرض] { لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً } أي: لن نعبد معبودا سواه.

{ لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً }.

أي: لو قلنا: أنه يعبد غيره لقلنا جوراً من قول. وقليل " شططاً " غالياً من الكذب وقال: قتادة: " شططاً " كذباً. وقال: ابن زيد خطأ.

ويقال: قد أشط فلان في السوم، إذا جاوز القدر يشط إشطاطاً وشططاً.

ويقال: شط منزل فلان، إذا بعد، يشط شطوطاً.

ويقال: شطت الجارية تشط شطاطاً وشطاطة إذا طالت.

ويقال: شط الرجل وأشَطَّ إذا جار.

وقال: أبو عبيدة { إِذاً شَطَطاً } أي: جوراً وغلواً.