الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } * { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً }

قوله { قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي } إلى آخر السورة.

والمعنى، قل يا محمد لهؤلاء الكافرين بك، السائلين عن المسائل، لو كان ماء البحر مداداً للقلم الذي يكتب به كلمات ربي لنفد ماء البحر قبل أن تنفد كلمات ربي.

ثم قال: { وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً }.

أي: لو مددنا البحر بمثل ما فيه من الماء، ما فرغت كلمات ربي، والمدد الزيادة والمعونة، يقول جئتك مدداً لكم، أي زيادة ومنه قيل لما يكتب به مِداد: لأنه يمد الكاتب شيئاً بعد شيء. والمداد جمع واحدته مدادة. ويجوز أن يكون المداد مصدر مد.

وقرأ ابن عباس { وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } على معنى ولو زدنا مثل ما فيه من المدد الذي يكتب به مداداً.

ثم قال: { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ }.

أي: قل لهؤلاء المشركين، إنما أنا إنسان مثلكم من بني آدم، لا علم لي إلا ما علمني الله، يوحي إلي إنما معبودكم معبود واحد لا ثاني له.

قوله: { فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ }.

أي: يخاف لقاء ربه يوم القيامة ويخاف عقابه { فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً } فليخلص العبادة لله ويعمل بطاعته، قال: ابن جبير: { يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ } أي لقاء ثواب ربه.

فعلى قول ابن جبير يرجو بمعنى ينظر ويطمع ويوقن وعلى القول الأول يرجو بمعنى يخاف كقوله:مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [نوح: 13] أي لا تخافون لله عظمة كقولهقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } [يونس: 15] أي لا يخافون. ويحتمل أن يكون { لاَ يَرْجُونَ } لا ينتظرون ولا يوقنون بلقائنا. وقد فسر أكثر الناس ترجو بمعنى تطمع.

وقال: مقاتل في قوله: { فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ } أي يخشى لقاء ربه، ويخشى بمعنى يخاف، وقال: الفراء وغيره من الكوفيين لا يكون الرجاء بمعنى الخوف إلاّ مع الجحد. كقولك ما رجوت ولم أرج ولا أرجو.

وقال: ابن المبارك: { يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ } هو النظر إلى الله جل ذكره. فالرجاء في هذا بمعنى الطمع، وذكر الزجاج وغيره الرجاء بمعنى الخوف، فلا جحد معه.

وأصل الرجاء وبابه أن يأتي بمعنى الطمع الذي يقرب من اليقين، يقع بمعنى الخوف على ما ذكرنا من الاختلاف والمعنيان متداخلان لأن من أيقن وطمع بلقاء ربه وثوابه خاف عقابه. ولا يخاف عقاب ربه إلا من طمع وأيقن بلقاء ثواب ربه. وكل واحد من المعنيين مرتبط بالآخر على ما ترى.

ثم قال: { وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً }.

أي: لا يعبد معه غيره /. وقيل: لا يراني بعمله الذي يعمله لله أحداً. وسأل رجل عبادة بن الصامت رحمه الله وقال: أرأيت رجلاً يصلي يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد؟ ويتصدق ويبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد؟ ويحج ويبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد؟ فقال: عبادة: ليس له شيء.

السابقالتالي
2