الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } * { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً } * { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } * { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً }

قوله: { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ } إلى قوله: { زِدْنَاهُمْ سَعِيراً }.

المعنى: وما منع مشركي قومك يا محمد من الإيمان بالله { إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ } إلا قولهم جهلاً منهم { أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً }. كأنهم استبعدوا أن يبعث الله رسولاً من بني آدم فكفروا ولم يؤمنوا كذلك ولم يعلموا أن الأنبياء كلهم كانوا من بني آدم.

ثم قال تعالى: { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً }.

أي: لو كان سكان الأرض ملائكة لجاءهم الرسول من الملائكة مثلهم. لأن الملائكة إنما تراهم أمثالهم من الملائكة ومن خصه الله [عز وجل] من بني آدم بذلك، فكيف يبعث [الله] إليهم من الملائكة رسولاً وهم لا يقدرون على رؤية ذلك وإنما يرسل إلى كل صنف من جنسه فهذا هو العدل.

ومعنى: " مطمئنين " مستوطنين الأرض. وقيل: [معنى] " مطمئنين ": لا يعبدون الله ولا يخافونه مثلكم.

ثم قال تعالى: { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ }.

أي: قل لهم يا محمد: { كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } فإنه نعم الكافي.

و " شهيداً " حال، أي: كفى بالله في حال الشهادة. وقيل هو تمييز أي كفى بالله من الشهداء.

{ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً } أي: ذو خبر وعلم بأمورهم وأفعالهم " بصيراً " بتدبيرهم وسياستهم.

وروي أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: من يشهد لك بأنك رسول الله فأنزل الله [عز وجل]: { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } الآية.

ثم قال تعالى: { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ }.

أي: من يهده الله للإيمان فهو المهتدي للرشد والحق ومن يضلله عن الإيمان ولا يوفقه فلن تجد له يا محمد أولياء من دون الله [عز وجل] ينصرونه من عذاب الله [سبحانه].

{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ }.

أي: نجمعهم ليوم القيامة من بعد تفرقهم في قبورهم. { عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً }. أي: عمياً عن كل شيء يسرهم ولكنهم يرون، ودل على رؤيتهم قوله:وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ } [الكهف: 53].

قوله: " وبكماً " أي: بكماً عن الحجة فلا ينطقون بحجة ولكنهم يتكلمون ودل على كلامهم قوله:دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } [الفرقان: 13].

قوله: " وصماً " أي: صماً عن سماع ما يسرهم. وهم يسمعون ودل على سماعهم قوله:سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } [الفرقان: 12].

وقيل: إنهم في حال حشرهم إلى الموقف عمي وبكم وصم. ثم يحدث الله [عز وجل] لهم سمعاً وبصراً ونطقاً في أحوال أخر.

وقوله: { عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } معناه: أنهم يحشرون صاغرين.

وقيل: بل معناه: أنهم يحشرون يمشون على وجوههم لأن الذي أمشاهم على أرجلهم يقدر أن يمشيهم على وجوههم، وعلى ما يشاء من أعضائهم.

السابقالتالي
2