الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِٱلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً } * { إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً }

قوله { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } إلى قوله { [كَانَ] عَلَيْكَ كَبِيراً }.

المعنى: ويسألك يا محمد، كفار أهل الكتاب عن الروح، قل لهم يا محمد الروح من أمر ربي.

قال ابن مسعود: كنت مع النبي في حرث بالمدينة، ومعه عسيب يتوكأ عليه. فمر بقوم من اليهود فقال بعضهم: سلوه عن الروح. وقال بعضهم: لا تسألوه. فسألوه عن الروح، فقام متوكئأ على عسيبه فقمت خلفه، فظننت أنه يوحى إليه. فقال: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }. فقال بعضهم: ألم أقل لا تسألوه.

وقال عكرمة: سأل أهل الكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح فأنزل الله: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ } الآية. فقالوا: أتزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلاً وقد أوتينا التوراة وهي الحكمةوَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً } [البقرة: 269] فنزلت:وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ [وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ] } [لقمان: 27] الآية.

وقال قتادة: لقيت اليهود النبي صلى الله عليه وسلم فعنتوه وقالوا: إن كنت نبيأً فستعلم ذلك. فسألوه عن الروح، وعن أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين، فأنزل الله [عز وجل] في ذلك كله.

وعن ابن عباس: " أن اليهود قالوا: / للنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا ما الروح؟ وكيف يعذب الروح الذي في الجسد وإنما الروح من الله عز وجل؟ ولم يكن نزل إليه في شيء. فلم يجد إليهم فيه شيئاً. وأتاه جبريل عليه السلام فقال له: { قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي }. الآية فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقالوا من جاءك بهذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم جاء به جبريل من عند الله [عز وجل]. فقالوا والله ما قاله لك إلا عدونا فأنزل الله [عز وجل] { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ } ".

وقال بعض أهل العلم: علم الله [عز وجل] أن الأصلح ألا يخبرهم ما هو لأن اليهود قالت لقريش في كتابها أنه إن فسر لكم ما الروح فليس بنبي. وإن لم يفسره فهو نبي.

وهذا القول: أولى بالآية لأن السورة مكية. وقد روى أن قريشاً اجتمعت بمكة فقال بعضهم لبعض: والله ما كان محمد كذاباً، ولقد نشأ فينا بالصدق والأمانة فابعثوا منكم جماعة إلى يهود يثرب يسألونهم عنه. فخرجت طائفة حتى لقوا أحبار يهود، وكانوا يومئذ ينتظرونه ويرجون نصرته. فسألهم قريش عنه: فقالت: لهم اليهود: اسألوه عن ثلاث: فإن أخبركم باثنين وأمسك عن الثالثة فهو نبي. تسألوه عن أهل الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح. فقدموا مكة وسألوه عن ذلك.

السابقالتالي
2