قوله: { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } إلى { خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً }. هذه الفتنة، التي ذكرها الله [عز وجل] هنا، هي أن المشركين منعوا النبي صلى الله عليه وسلم من استلام الحجر، وقالوا له: لا ندعك حتى تلم بآلهتنا. فحدث نفسه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقال [عز وجل] يعلم أني لها كاره فأنزل الله [عز وجل]: { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } الآية. وقال قتادة: أطافوا به ليلة فقالوا أنت سيدنا وابن سيدنا وأرادوه على موافقتهم على بعض ما هم عليه فهم أن يقاربهم فعصمه الله [عز وجل] فذلك قوله: { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً }. وقال مجاهد: قالوا له إيتِ آلهتنا فامسسها فذلك قوله: { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً }. وقيل: إنما ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم هم أن ينظر قوماً بإسلامهم إلى مدة سألوه الإنظار إليها. قاله: ابن عباس. وهو ثقيف، سألوا النبي [عليه السلام] أن ينظرهم سنة حتى يهدى إلى آلهتهم الهدي. قالوا له: فإذا قبضنا الهدي الذي يهدى لآلهتنا [أ]سلمنا وكسرنا الآلهة فهمّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يطيعهم على ذلك فأنزل الله [عز وجل] الآية. وقيل: إنما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد عنا هؤلاء السقاط والموالـ[ـى] الذين آمنوا بك حتى نجـ[لـ]س معك ونستمع منك. فهم النبي [صلى الله عليه وسلم]. بذلك طمعاً منه أن يؤمنوا فأنزل الله [عز وجل] الآية. وقوله: { وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ [خَلِيلاً] }. أي: لو فعلت يا محمد ما دعوك إليه من الفتنة لاتخذوك خليلاً وكانوا لك أولياء. والوقف على " إذا " بالنون عند المبرد لأنها بمنزلة أن. وقال بعض النحويين الوقف عليها بالألف في كل / موضع كما تقف على النون الخفيفة بالألف إذا انفتح ما قبلها. وقال بعض النحويين: إذا لم تعمل شيئاً وقفت عليها بالألف، وإذا عملت وقفت عليها بالنون. ثم قال تعالى: { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً }. أي: لولا أن عصمناك عما دعاك إليه المشركون من الفتنة لقد كدت تميل إليهم شيئاً قليلاً. ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ". حكى ابن الأنباري عن [بعض] أهل اللغة أنهم قالوا: ما قارب رسول الله صلى الله عليه وسلم إجابتهم ولا ركن إليهم قط. وقالوا: " كدت تركن إليهم " ظاهره خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وباطنه خبر عن ثقيف. وتلخيصه وإن كادوا ليركنونك. أي: فقد كادوا يخبرون عنك أنك تميل إلى قولهم فنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فعل ثقيف على جهة الاتساع والمجاز والاختصار.