الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } * { وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً }

قوله: { يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ } إلى قوله { وَأَضَلُّ سَبِيلاً }.

أي: واذكر يا محمد يوم ندعو.

ومعنى " [بـ]ـإمامهم: نبيئهم الذي أرسل إليهم. قاله: ابن عباس ومجاهد وقتادة.

وعن ابن عباس أيضاً: [أن] الإمام هنا، كتاب عمل الإنسان مثل قوله:وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } [الحجر: 79] " وكذلك قال الحسن وأبو صالح وأبو العالية.

وقال ابن زيد: " بإمامهم " بكتابهم الذي أنزل إليهم.

وعن ابن عباس: " بإمامهم " بداعيهم الذي دعاهم إلى الهدى أو الضلالة.

[و] قال أبو العالية: " بإمامهم " بأعمالهم.

ثم قال: { فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ }.

أي: من أعطي كتاب عمله بيمينه لم يظلم من جزاء عمله الصالح مقدار فتيل. وهو الخيط الذي في وسط النواة. /.

واختار الطبري أن يكون الإمام هنا: الذي كانوا يعبدونه في الدنيا.

وقال النحاس: الناس يدعون في الآخرة بهذا كله، يدعون بنبيهم، فيقال: أين أمة محمد؟ وبكتابهم، فيقال: أين أمة القرآن؟ وبعملهم، فيقال: أين أصحاب الورع؟ وكذا الكفار يدعون بضد هذا: أين أمة فرعون؟ وأين أصحاب الربا؟ وفي هذا مدح للمؤمنين على رؤوس الناس وذم للكافرين.

وروي أن المؤمن يمد يمينه سهلاً، ويتناول كتابه بالسهولة، وأن المشرك يمد يمينه ليأخذ كتابه فيجتدبه ملك فيخلع يمينه فيتناول كتابه بشماله.

ثم قال [تعالى]: { وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ }.

أي: في الدنيا يريد عمى العين عن الهدى فهو في الآخرة أعمى منه في الدنيا [يريد] أنه يكون في الآخرة أعمى العين والقلب. وعلله أبو عمرو في إمالته الأول دون الثاني: أنه أراد أن يفرق بين المعنين: فأمال عمى العين وفتح عمى القلب للفرق.

وكان عمى القلب بالفتح أولى، لأن الألف فيه [في] حكم المتوسطـ[ـة] إذ تقديره: أعمى: منه في الدنيا.

وافعل الذي معه من هي من تمامه ولذلك صرف بعض العرب كل ما لا ينصرف إلا افعل منك لأن منك من تمامه، وهو مذهب الكوفيين، فلما كانت منك من تمامه صارت بمنزلة المضاف إليه، والمضاف إليه لا يدخله التنوين فامتنع [افعل] منك من الصرف لذلك.

ويدل على أن الثاني من عمى القلب. أنه لو كان من عمى العين لم يقل فيه إلا: هو أشد أعمى من كذا لأن فيه معنى التعجب.

ومذهب المبرد: أنه لا إضمار مع أعمى الثاني من ولا غيرها ولا معنى للتعجب فيه والثاني عنده من عمى العين كالأول.

قال سيبويه والخليل: لم يقولوا: ما أعماه، من عمى العين، لأنه خلقه بمنزلة اليد والرجل، فكما لا يقال: ما إيداه، لا يقال: ما أعماه.

وقال الأخفش: لم يقل ذلك، لأن فعله على أكثر من ثلاثة. والأصل فيه " اعماي.

السابقالتالي
2