الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } * { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } * { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً }

قوله: { وَإِن [مِّن] قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا } إلى قوله { لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً }.

المعنى: وما من أهل قرية إلا سيهلكون قبل يوم القيامة إما بعذاب أو بموت.

وقيل معناه وإن من قرية مفسدة أو ظالمة إلا نحن مهلكوها. [وهو / قول حسن] دليله [قوله تعالى].وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } [القصص: 59] وله في القرآن نظائر.

{ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً }.

أي: في اللوح المحفوظ. وقيل في الكتاب الذي كتبه الله [عز وجل] للملائكة فيه أخبار العباد الكائنة والتي لم تكن ليستدلوا بذلك على قدرته [جلّت عظمته].

ثم قال تعالى: { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ }.

المعنى وما منعنا أن نرسل بالآيات [التي] اقترحتها قريش { إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } فأهلكوا واستؤصلوا فلو أرسلت إلى هؤلاء بالآيات وكذبوا لأهلكوا واستؤصلوا، ففعل الله [عز وجل] بهم في ترك مجيء الآيات التي سألوها فيه الصلاح.

وفي هذا ما يدل على أن الله جل ذكره أخَّر الآيات عن قريش، لئلا يكفروا بها فيهلكوا كما فعل بالأمم قبلهم. فكان تأخيره لذلك لما علم أن منهم من يؤمن ومنهم من يولد له من يؤمن. فأخّر الآيات ليتم علمه فيهم. وعلم من الأمم الأول أنه لا يؤمن أحد منهم، ولا يولد لأحد [منهم] من يؤمن فأرسل الآيات فكفروا فأهلكوا. وأخّر ذلك عن قريش ليتم ما علم منهم. وقد ظهرت آيات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. فالمعنى في هذا: ما منعنا أن نرسل بالآيات التي معها الاصطلام والهلاك لمن كذب بها، إلا أنا حكمنا على كافري أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] بعذاب الآخرة وألا يصطلموا بعذاب الدنيا. وهو قولهوَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 107]. فالنبي صلى الله عليه وسلم رحمة للمؤمنين إذ أستنقذهم من الضلال وهداهم إلى الإيمان، وهو رحمة للكافرين إذ أخّر عذابهم واصطلامهم إلى الآخرة. قال ابن عباس: " سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن ينحي عنهم الجبال، فيزرعون فقيل له: " إن شئت أن تستأتي بهم لعلنا نجتني منهم. وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من كان قبلهم قال لا، بل استأني بهم فأنزل الله الآية " وعلى هذا المعنى قول الحسن وابن جبير وقتادة، وهم أهل مكة.

ثم قال [تعالى] { وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً }.

أي: وقد سألـ[ـت] الآيات من قبل محمد [صلى الله عليه وسلم] ثمود فأتيناها ما سألت وجعلنا تلك الآية [ناقة] مبصرة، أي: ذات أبصار، أي: مضيئة ظاهرة بمنزلة قوله:وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً } [يونس: 67] أي: مضيئاً. وقيل: معنى مبصرة مبينة. أي: تبين لهم صدق صالح عليه السلام.

السابقالتالي
2 3 4