الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } * { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً } * { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً }

قوله: { وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ } إلى قوله: { أَكْثَرَ نَفِيراً }.

معنى القضاء في اللغة: أحكام الشيء والفراغ منه. فمعنى الآية: وفرغ ربك إلى بني إسرائيل فيما أنزل من كتابه إلى موسى [صلى الله عليه وسلم] إنكم يا بني إسرائيل تعصون الله وتخـ[ـا]لفون أمره وتستكبرون عليه استكباراً شديداً مرة بعد مرة. قال ابن عباس وابن زيد: { وَقَضَيْنَآ [إِلَىٰ بَنِي] إِسْرَائِيلَ } أعلمناهم بذلك في كتابهم.

وقيل: معناه: إن ذلك سبق في أم الكتاب عليهم أنهم يفسدون ويخالفون أمر الله [سبحانه] ويستكبرون في الأرض مرتين. قاله قتادة.

وروي [ذلك] أيضاً عن ابن عباس قال: [قضاء] قضاه الله [عز وجل] على القوم كما تسمعون. قال مجاهد: دخلت على ابن عباس فقلت: إن على الباب رجل يقول في القدر. فقال: ادخلوه علي. فقلت ما تريد به؟ قال: اقرءوا عليه قول الله: { وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } قال فقضى عليهم ليفسدن في الأرض مرتين وليعلن علواً كبيراً قبل أن يخلقهم، فقضى عليهم ما علم أنهم عاملون، وكتبه عليهم ففعلوه.

قال ابن عباس وابن مسعود: كان إفساد بني إسرائيل [في الأرض] في أول مرة قتل زكرياء [صلى الله عليه وسلم] فبعث الله [عز وجل] عليهم ملك [الـ]ـنبط. فبعث إليهم الجنود من أهل فارس، فهم أولوا بأس شديد. / فتحصنت بنو إسرائيل وخرج فيهم بختنصر يتيماً مسكيناً، خرج يستطعـ[ـم] وتلطف حتى دخل المدينة. فأتى مجالسهم فسمعهم يقولون: لو علم عدونا ما قذف في قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا، فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم واشتد القيام على الجيش فرجعوا فذلك قوله: { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } الآية: ثم إن بني إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط فأصابوا منهم فاستنفدوا ما في أيديهم، فذلك قوله: { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } الآية. و " نفيراً " معناه عدداً.

وقال ابن زيد: كان إفسادهم الأول قتل زكرياء، والثاني قتل يحيى. فسلط الله عليهم سابور ذا الاكتاف، وهو ملك من ملوك فارس، في قتل زكرياء، وسلط عليهم بختنصر في قتل يحيى.

وقال قتادة: بعث عليهم أول مرة جالوت والثانية بختنصر.

ومعنى قوله: { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا } أي: أول المرتين اللتين قضينا إلى بني إسرائيل، أي أو[ل]. الفسادين.

وقوله: { فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ }.

أي: ترددوا بين الدور والمساكن وذهبوا وجاءوا.

وقال ابن عباس: " جاسوا " مشوا. وقال الزجاج: الجوس طلب الشيء باستقصاء. فمعناه: طلبوا هل يجدون أحداً.

وقال بعض أهل اللغة: معنى " جاسوا " قتلوا.

وقوله: { وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً }.

أي: كان جوس القوم خلال ديار بني إسرائيل وعداً من الله [عز وجل]، لا يخلف.

السابقالتالي
2