الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } * { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } * { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } * { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً }

قوله: { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً [أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ] } إلى قوله: { إِلاَّ قَلِيلاً }.

المعنى: أن الله جل ذكره أخبر عن قول المشركين وإنكارهم البعث بعد الموت. والرفات: التراب، قاله مجاهد. أي: قالوا منكرين للبعث أنُبعَث بعد أن كنّا عظاماً وتراباً في قبورنا.

وقال ابن عباس: الرفات: الغبار. وقال أبو عبيدة والكسائي: الرفات الحطام. والعظام ما لم يتحطم، والرفات: ما تحطم، كذا قال أبو عبيدة.

والرفات في اللغة: الرضاض والحطام. يقال: رفت رفتاً إذا حطم. ولا واحد له كالدقاق. وهذا المثال في هذا المعنى، يأتي أبداً محل فعال. نحو الفتات والتراب والرفات والغبار والحطام والرضاض.

ثم قال تعالى لنبيه عليه السلام قل لهم يا محمد: { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } أو كونوا على أي خلق يعظم في صدوركم فلا بد لكم من الموت والبعث أي: استشعروا ما شئتم أن تكونوا عليه من الخلق. فلا بد أن يميتكم الله [عز وجل] ثم يحييكم.

وقال ابن عباس في قوله: { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } هو الموت. أي: لو كنتم الموت بعينه لأماتكم الله عز وجل ثم أحياكم، وهو قول: أبي صالح والحسن والضحاك. وقال ابن جبير، كونوا الموت فإن الموت سيموت. قال عبد الله بن مسعود: يوتى بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح حتى يجعل بين الجنة والنار فينادي مناد يسمع أهل الجنة وأهل النار، فيقول هذا الموت قد جئنا به ونحن مهلكوه، فأيقنوا يا أهل الجنة ويا أهل النار بأن الموت قد هلك.

وقال مجاهد قوله: { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } هو السماء والأرض والجبال.

ثم أخبر عنهم تعالى ذكره أن جوابهم للنبي [صلى الله عليه وسلم] إذ قالوا له " من يعيدنا " أي: من يعيدنا إذا كنا حجارة أو حديداً، فقل لهم يا محمد يعيدكم { ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي: الذي خلقكم ولم تكونوا شيئاً.

ثم قال الله [عز وجل] لنبيه [عليه السلام] { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ }.

أي: يحركونها استهزاء واستبعاداً للبعث. و / النغض في كلام العرب حركة بارتفاع وانخفاض. { [وَيَقُولُونَ] مَتَىٰ هُوَ } أي: متى البعث، فقل لهم يا محمد { عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } أي: هو قريب. لأن عسى من الله [تعالى] واجبة.

ثم قال تعالى: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ }.

أي: [يوم] يبعثكم يوم يدعوكم من القبور { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي: بأمره، قاله: ابن عباس. وقال قتادة: " بحمده " بمعرفته.

وقيل: معناه: بقدرته، ودعائه إياكم، ولله الحمد على كل حال. كما يقول القائل: فعلت ذلك الفعل بحمد الله. أي: ولله الحمد على كل حال.

وروي عن [ابن] جبير أنه قال: يخرج الناس من قبورهم وهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك.

السابقالتالي
2