الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً } * { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً } * { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } * { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } * { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }

قوله: { ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ } إلى قوله: { حَلِيماً غَفُوراً }.

المعنى الذي بيّنا لك يا محمد من الأخلاق: المرغب فيها، والتي نهيناك عن فعلها، " مما أوحى إليك ربك من الحكمة " أي: من الأشياء التي أوحاها إليك ربك يعني القرآن.

ثم قال تعالى: { وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ }.

أي: شريكاً في عبادته.

{ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً }.

أي: تلومك نفسك وعارفوك من الناس: " مدحوراً ": مبعداً مقصى في النار. قال ابن عباس: " مدحوراً " مطروداً.

ويروى أن من قوله [تعالى ": { [وَ]لاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً } إلى قوله: { مَلُوماً مَّدْحُوراً } هي العشر كلمات التي أنزلها الله [عز وجل] على موسى [صلى الله عليه وسلم] في التوراة. ومثلها التي في الأنعامقُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } [الأنعام: 151] إلى آخر الثلاث آيات. وهي المُحْكَمَة التي ذكرها الله [عز وجل] في سورة آل عمران. وفيه اختلاف قد ذكرته هنالك.

ثم قال: { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً }.

هذا توبيخ للمشركين الذين جعلوا الملائكة بنات الله [سبحانه و] تعالى عن ذلك علواً كبيراً، ومعناه افاختار لكم ربكم أيها الناس / الذكور من الأولاد واتخذ لنفسه البنات وأنتم لا ترضونهن لأنفسكم، فجعلتم لله [عز وجل] ما لا ترضون لأنفسكم. وقيل: الذين قالوا هذا هم اليهود، قاله قتادة. وقيل: هم كفرة العرب وعليه أكثر المفسرين.

ثم قال تعالى: { إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً }: أي قولة منكرة.

ثم قال: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ [لِيَذَّكَّرُواْ] }.

أي: صرفنا لهؤلاء المشركين، الآيات والعبر والأمثال، والتخويف، والإنذار، والوعد، والوعيد.

والمفعول لصرفنا محذوف وهو التخويف والإنذار وشبهه وقيل: " في ": زائدة والمعنى: صرفنا هذا القرآن. والأول أحسن.

فالمعنى: صرفنا الأمثال في هذا القرآن لعلهم أن يتذكروا ذلك فيعقلوا خطأ ما هم عليه، فيرجعوا ويؤمنوا وما يزيدهم ذلك البيان إلا نفوراً عن الحق وبعداً منه.

وتشديد " لِيَذَكَّرُوا " تحقيقه بمعنى: يقال تذكرة ما صنعت. وذكرت ما صنعت بمعنى: قال ذكره:ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ } [البقرة: 40] بمعنى: تذكروا نعمتي، أي: تفكروا فيها واعتبروا. وقال:وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ } [البقرة: 63] وقَالَ:[كَلاَّ] إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } [عبس: 11-12] ومَّا تَذَكَّرُونَ } [الحاقة: 42] " فكله بمعنى الاتعاظ والاعتبار لا بمعنى ذكر النسيان. وليس من خفف يجعله من ذكر النسيان وإنما هو من التفكر والاعتبار كالمشدد.

ثم قال [تعالى]: { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ }.

المعنى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين جعلوا مع الله ءالهة: لو كان الأمر كما تقولون من أن مع الله [سبحانه] ءالهة إذن لابتغت تلك [الآلهة] القربى من الله [عز وجل] ذي العرش العظيم، والتمست الزلفى عنده [جلّت عظمته].

السابقالتالي
2 3