الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }

قوله: { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ } إلى قوله: { كَانَ مَسْؤُولاً }.

أي: لا تقتلوا نفساً قد حرّم الله [عز وجل] قتلها. " إلا بالحق " / أي: إلا أن تكفر بعد إسلام، أو تزنى بعد إحصان، أو قوداً بنفس.

وقوله: { فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً }.

أي: جعلنا له نصراً وحجة على أخذ الثأر ممن قتل وليّه فإن شاء عفا وإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية. فإذا عفا بعض الورثة لم يقتل القاتل. والمرأة في ذلك والرجل سواء إذا كانا وارثين، هذا قول الشعبي وعطاء وطاووس والنخعي والثوري والشافعي وابن حنبل. فإن كان في الورثة صغيراً استوني بالقتل حتى يبلغ، فإن عفا لم يقتل وإن لم يعف قتل، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى. وابن شبرمة. والثوري وأحمد وإسحاق.

وقال الحسن البصري وقتادة: لا عفو للنساء وإن كن وارثات.

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المرأة اختلاف، وروي عنه أنه قال: لا عفو للزوج، وعنه: لا عفو للمرأة في الدم.

وقال الليث وربيعة والأوزاعي ليس للنساء عفو في دم ولا قسامة.

وقال مالك إذا كان ورثة المقتول بنين وبنات فعفت إحدى البنات لم يجز عفوها، فإن عفا أحد البنين جاز العفو وأخذت الدية ويرثها الورثة على قدر موارثهم من الميت، ويقضي عن الميت من الدية دين إن كان عليه.

وقوله { وَلِيِّهِ } يحتمل واحداً وجماعة، كما قال:إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } [العصر: 2].

ومعنى: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً } أي: من قتل على غير المعاني المتقدم ذكرها. وقال الشافعي: إذا عفا الولي استحق أخذ الدية.

ثم قال تعالى: { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ }.

أي: لا يقتل الولي غير قاتل وليه. لأن أهل الجاهلية كانوا يفعلون ذلك: يقتل الرجل الرجل فيقتل أولياء المقتول أشرف من القاتل ويتركون القاتل، فنهى الله [عز وجل] عند ذلك بقوله: { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } أي لا يسرف الولي.

ومن قرأ بالتاء، جعله مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم والأئمة بعده. وقيل هو مخاطبة للقاتل ألا يقتل غيره فيسرف في ذلك فيناله القتل.

وقيل: معنى { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } لا يمثل ولي المقتول بالقاتل، بل يقتله كما قتل وليه، قاله قتادة.

وقيل: معناه لا يقتل اثنان بواحد.

والهاء في " أنه " تعود على المقتول، فتعود الهاء على " من " قاله مجاهد. فيكون المعنى: إن المقتول كان منصوراً بوليه.

وقال قتادة: الهاء للولي. أي: [بأن الولي] كان منصوراً.

وقيل: الهاء تعود على الدم. أي: [إن] دم المقتول كان منصوراً على القاتل.

وقال الفراء: الهاء تعود على القتل أي القتل كان منصوراً.

السابقالتالي
2