الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً } * { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً } * { إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً } * { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً }

قوله: { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ } إلى قوله: { قَوْلاً مَّيْسُوراً }.

معناه: ربكم يعلم ما تعتقدون من إبرار والديكم وتعظيمكم إياهم، أو ضد ذلك من العقوق لهم، فيجازيكم على ما تعتقدون في أمرهم.

[ومعنى { إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ } أي: إن أصلحتم نياتكم وأطعتم الله في والديكم في القيام بهم والمعرفة بعقوقهم بعد صبوة كانت معكم في أمرهم]، أو زلة زللتم، في [ترككم] إبرارهم، { فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ } أي: للثوابين بعد الهفوة " غفوراً " أي: ساتراً لذنوبهم إذا تابوا منها.

قال ابن جبير في قوله: { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ }:

هي المبادرة: تكون من الرجل إلى أبويه لا يريد بذلك إلا الخير.

وقال ابن عباس: " للأوابين " المسبحين. وقيل: هم المحسنون المطيعون. روي ذلك عن ابن عباس أيضاً.

وقال قتادة: هم المطيعون، أهل الصلاة. وقال ابن المنكدر: هم المصلّون بين المغرب والعشاء. وقال عون العقيلي [هم] الذين يصلّون صلاة الضحى. وقال مالك / عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب: هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب. وقال ابن جبير: هم الراجعون إلى الخير. وقال مجاهد: هم الذين يذكرون ذنوبهم في الخلاء فيتوبون منها.

وأصل آب إلى كذا، رجع إليه فكأنهم الراجعون من معصية الله [عز وجل] إلى طاعته. ومن آب الرجل من سفره، أي: رجع. وأوّاب فعّال من أب. والأوبة الرجعة منه.

ثم قال تعالى: { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ }.

هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به أمته. قال الحسن أمر الله [عز وجل] في هذه الآية بصلة الرحم، ونذب إلى أن تعطي القرابة من المال من غير الزكاة، ولهم في الزكاة حق وغير ذلك. وقال ابن عباس: هو أن تصل قرابتك والمساكين وتحسن إلى ابن السبيل. وقيل: عني بذي القربى هنا قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروي ذلك عن الحسن بن علي، أن يعطوا من غير الزكاة.

والمسكين هنا هو الدليل من الفقر. وابن السبيل المسافر المنقطع به يضاف ويحسن إليه. وقيل: حق ابن السبيل ضيافته ثلاثة أيام. وهذا ندب غير فرض.

ثم قال تعالى: { وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً }.

أي: لا تمحق ما أعطاك الله [عز وجل] من مال في معصيته، وأصل التبذير التفريق في السرف. قال ابن مسعود: التبذير: الإسراف في الإنفاق في غير حق. وهو قول ابن عباس وقتادة.

وقال ابن زيد: هو النفقة في المعاصي. وهذا قول حسن.

ثم قال تعالى: { إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ }.

[أي: المفرقين أموالهم في معاصي الله تعالى وفي غير الحق كانوا أولياء للشياطين].

{ وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }.

السابقالتالي
2