الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } * { وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } * { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ آيَةَ ٱلَّيلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً }

قوله: { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } إلى [قوله]: { فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً }.

المعنى: أن هذا القرآن يا محمد يرشد من اهتدى به للحال التي هي أقوم الحالات أي: أصوبها. وذلك دين الله [سبحانه] المستقيم وتوحيده [جلت عظمته] والإيمان بكتبه ورسله وهو مع هدايته يبشر المؤمنين العاملين الأعمال الصالحة أن لهم أجراً كبيراً وهو الجنة /.

وكل شيء في القرآن أجر كريم وأجر كبير ورزق كريم فهو الجنة. وقيل: المعنى: ويبشر [الله] المؤمنين بذلك. قال مقاتل وغيره: التي هي أقوم شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل معناه يهدي للخصال التي هي أصوب مما أمر الله [عز وجل]، ودعا إليه ووعد عليه العطاء الجزيل والثواب العظيم وعلى هذا أكثر المفسرين. ولا إله إلا الله أصل الخصال الحسنة وأعظم ما دعا الله إليه عباده وندبهم إلى اعتقاده فهي العروة الوثقى والكلمة المنجية من العذاب.

ثم قال [تعالى]: { وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ }.

أي: لا يصدقون بها أعددنا لمقدمهم على ربهم عذاباً أليماً، أي: مؤلم وموجع، وذلك عذاب جهنم [أعاذنا الله منها].

ثم قال: { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ }.

المعنى: ويدع الإنسان على نفسه وولده وماله بالشر دعاء مثل دعائـ[ـه] ربه [عز وجل] بالخير. أي: يسأل أن يهلك نفسه وولده وماله إذا غضب كما يسأل أن يحييه ويحيي ولده ويثمر ماله إذا رضي، فلو استجاب له في الشر كما يستجيب له في الخير لأهلكه.

ثم قال: { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً }.

أي: يعجل على نفسه بالدعاء، ولا يعجل الله [عز وجل] عليه بالإجابة. وروي أنها نزلت في النضر بن الحارث [بن] علقمة كان يدعو ويقول:ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32]. وكان يدعو على نفسه بالشر كما يدعو [لها] بالخير. { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } أي: عجلة النضر بالدعاء على نفسه، كعجلة آدم حين نهض [قبل] أن يجري فيه كله.

وقال ابن عباس: لما نفخ الله [عز وجل] في آدم من روحه فدارت النفخة من قبل رأسه، فجعل لا يجري منها شيء في جسده إلا صار لحماً [ودماً]. فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده [فأعجبه] ما رأى من حسنه فذهب لينهض فلم يقدر فهو قوله: { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } فالإنسان هنا في موضع الناس. وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع إلى سودة بنت زمعة أسيراً، فجعل يئن من الليل. فقالت له: ما بالك تئن؟ فشكى إليها ألم القد. فأرخت كتافه. فلما نامت أخرج يده وهرب. فلما أصبح النبي [صلى الله عليه وسلم] دعا به، فأعلم شأنه.

السابقالتالي
2